قرآن وسنة

ليس لمسابقات الجمال في النساء أساس شرعي أو قانوني أو أخلاقي. أو حتي عقلي. ذلك أن ادراك الجمال في الخلق والأشياء يقوم علي التذوق الشخصي الذي يختلف من إنسان لآخر. فما يراه شخص جمالاً. قد يراه آخر قبحاً ودمامة. والأمور الذوقية لا يمكن تصدير الإحساس بها للآخرين. بل ولا توجد في قواميس اللغة أي لغة ألفاظ تقوي علي تحقيق هذا المعني. ويمكن أن يظهر هذا الأمر الذوقي وصعوبة التعبير عنه بصورة أجلي بحق شخص يريد أن يصور مذاق أكل اللحم لمن لم يذقه في حياته أبداً. إنه لا يقدر. أو من يريد أن يصور حب الأبناء لمن لم يرزق بهم بعد. أو غير ذلك من الأمور الذوقية. وحيث كان ذلك الأمر واردا. يكون تذوق الجمال في الفتيات اللائي يتقدمن لتلك المسابقات الماجنة أمرا شخصياً لا يتجاوز الأشخاص الذين يقومون بتلك المسابقات. والذين ينفذون اجراءات الفحص فيها فيرسلون أنظارهم إلي كل أنحاء جسدها وهي عارية دون أن يقفوا في سبيل تلك الغاية الدنيئة عند سقف أحمر. كما تمتد أيديهم بأجهزة التقدير والقياس. ليقيسوا مقادير اتساع الفتحات. وامتداد المساحات علي ذلك الجسد الأنثوي الممدد أمامهم. أو بدون أجهزة للجس والوقوف علي الرشاقة والنحافة أو السمنة والبدانة فيما يحتاج إلي جس من أماكن الجسد. إنها مسخرة متكاملة يستباح فيها كل شيء إلا الشيء الحلال. وهي لا تقدم الجمال للناس. ولكنها تعبر عن أذواق هؤلاء الذواقين الذين لعنهم الله علي لسان نبيه صلي الله عليه وسلم في قوله: "لعن الله الذواقين والذواقات". ومن ثم يبقي أمرها مجرد أمر شخصي لمن يقومون بإجراءات تلك المسابقات الحمقاء دون أن يتعداهم للآخرين غير ما تقع عليه أنظارهم مما قد لا يرونه جمالاً.
ثم إن التكريم والتتويج لا يصح أن يقع إلا عن عمل يكون لمن يتوج فيه جهد أويد. والجمال في ابدان الفتيات من خلق الله الذي أحسن كل شيء خلقه. واودع فيه من أسرار الجمال ما يجب أن يستحث في الخلق أسباب الشكر له. والإذعان لقدرته وكماله وجلاله. ومن أولهم تلك التي أنعم الله عليها بالجمال. ولكن الناس لا يدركون هذا المعني وقعدوا عن التفكير في الاء المنعم بالاغراق في آثار نعمته علي خلقه. وذلك هو الضلال المبين. فكيف يجازي الإنسان علي أمر لم يبذل فيه جهدا. لقد كان من الممكن أن تكافأ المرأة الجميلة عن التزامها بالآداب الإسلامية. وحفظ جمالها عن فضول الأنظار. والاعتداد بذاتها حتي لا تكون. لقد منح الله بعض الناس عقولا ذكية. ولكنهم لا يجازون عن مجرد وجود تلك العقول. وإنما علي ما تنتجه تلك العقول من الابتكارات النافعة. والانجازات المفيدة. ولو أنها ابتكرت أجهزة تفسد علي الناس حياتهم لاستحقت العقاب بدلاً من الثواب. والجمال في ذاته كالعقل المجرد لا يستحق الإنسان أن يكرم بسببه إلا إذا تم استعمال ما خلقه الله في الإنسان من أجل رضا الله والفوز بثوابه. أما تلك المساخر الي ترتبط بمسابقات الجمال وتقترن بها. فإنها لا تمت إلي الفضيلة. ولا إلي طاعة الله بصلة. ناهيك عن اشاعة الفحش وإثارة الغرائز وصرف الناس عن المفيد. وتحنيط العقول حول تلك الملهيات التافهة حتي لا ينصرف إلي المفيد النافع من أمور الدنيا والدين وذلك هو الضلال المبين. كما أن قوانين العالم لا تسمح بأن تبتذل الفتاة نفسها إلي هذا الحد الذي تصبح به سلعة من السلع أو شيئاً من الأشياء.