السيرة الهلالية في مصر وسوهاج

السيرة الهلالية في مصر وسوهاج


من القصص الشعبي الذي شاع في مصر سيرة بني هلال ولقد بدأت هذه السيرة في صورة غنائية ثم أخذت صورة قصصية منذ القرن السادس الهجري ، وتدور أحداث هذه السيرة حول أسرة بني هلال التي انتقلت من نجد إلى البلاد الإسلامية الأخرى واستقر بعضها بمصر وتفرق الكثيرون منها في الشمال الأفريقي والأندلس وكانت لهم وقائع في تونس ، وقد صورت هذه القصة بعض جوانب الشخصية المصرية من خلال السخرية التي عامل بها المصريون حكامهم ، كما تبدوا في هذه العبارة التي أطلقها أحد المصريين معلقاً على طمع الهلاليين في حكم مصر والاستقلال بها حيث قال "ولكن العرب لا يملأون أعين المصريين" وفي السيرة الهلالية انطباعات كثيرة من الروح المصرية والمعتقدات المصرية مثال ذلك قولهم "مصر محروسة من عدوها بالأقطاب الموكلين بالأرض" ومثل "تعظيمهم لرجال الدين إلى حد أنهم أجلسوا شيخ الأزهر على كرسي السلطنة في قلعة الجبل" ومثل اعتقادهم في الغيب عن طريق النجوم والرمل ونحو ذلك وإيمانهم بالمقدر إيماناً لا حد له وتبدو القاهرة في السيرة الهلالية واضحة كل الوضوح بخططها وأسواقها …………
ولقد هذب الشعب المصري هذه السيرة وحضرها وارتفع بها فأبو زيد أحد فرسان القبيلة أصبح على يد مصر قائد جيش نظامي يعرف التحضير والتجهيز والتحصن والتعبئة كما مد له المصريون في الشجاعة حتى ليأتي بالخوارق …………… وعلموه مختلف العلوم والفنون ………………… وجعلوه واسع الحيلة يعرف مداخل الأمور ومخارجها وكأنه "ابن بلد" وانعكس هذا على الأمثال الشعبية المصرية التي تقول "سكة أبو زيد كلها مسالك" ومع هذا تفكهوا منه كالعادة حين غلبه على أمره دياب بن غانم فقالوا "كأنك يا أبو زيد ما غزيت" ………………………
ومصر في سيرة الهلالية "المحروسة" فحين يتطلع إليها دياب بن غانم ترده عنها الأقطاب وحفظها المصريون فالأرعن الأحمق يسمونه "زغبي" نسبة إلى زغبة قبيلة بني هلال (1)
وأضيف على هذا الكلام أن لبلاد الصعيد وخاصة سوهاج الأثر الواضح على السيرة الهلالية حيث أن غالبية حفظة السيرة وكبار شعرائها وحملتها و وارثوها من أبناء الصعيد والذين ينتمون إلى قبائل عربية تقترب في كثير منها إلى النسب الهلالي وحيث يعيشون في بيئة صعيدية كانت في معظم الأحيان قريبة من البداوة والتصحر فأضفوا على السيرة كثيرا من الصدق التاريخي والواقعي وكأنها تحدث أمامك في نفس البيئة ونفس المناخ فنجد كل هذه البيئة بكل ملامحها وأبعادها التاريخية والجغرافية حيث هي البلاد التي حلت بها القبائل العربية الهلالية "بني هلال وبني سليم" أكبر القبائل العربية وحيث حطت رحالها شرقي النيل من البداري وساحل سليم "أسيوط" وأخميم شرقي النيل "سوهاج" ومن أخميم بلدة آبار الوقف خرج الشاعر العظيم جابر أبو حسين الذي حمل السيرة وأخذ يجوب بها مصر والصعيد يرويها ويبدع مربعاتها الشعرية والتي وصلت كما قيل إلى مليون بيت من الشعر وهذه المربعات التي يصفونها بأنها "فن الواو" القريب الصلة من "فن الدوبيت الأفريقي أو الأندلسي" أبدعها شعرا ولحنا وأداء ما يفوق الوصف . كما أبدعها تمثيلا وارتجالا حيا في التو واللحظة وهو يتقمص شخوصها وأبطالها ليقدمهم كل ليلة إلى سامره الشعبي داخل الطقس الهلالي فهذا هو جابر أبو حسين وهذه سيرته نتاج ثقافته الصعيدية الشعبية بمورثاتها ومواويلها وأغانيها واستطاع أن يلبسها هذا الثوب المتميز وكأنك تجزم بأن هذه السيرة حين تسمعها من جابر أبو حسين وكأنها حدثت وعاشت بأحداثها وتفاصيلها داخل هذه البيئة الصعيدية ومن العجيب أن جابر أبو حسين وهو يغوص في بحر اللهجة الصعيدية "القريبة للفصحى" ورصيدها الهائل المختزن داخله وهو يغوص في تلافيف شخوصه ليتقمصها ويحكيها للناس كما ولو كانت هذه الشخوص أعز أهله وقبيلته العربية التي ينتمي هو إليها في مواليدهم وتغريباتهم حيث تصادف بالفعل أنه عاش تغريبة حياتية لا مثيل لها هذا هو جابر أبو حسين الذي استطاع أن يجوب قري ونجوع محافظات الصعيد حتى أسوان وذهب بها إلى القاهرة في ليال حية فما من مكان قريب أو بعيد إلا وذهب إليه ولو تحت سن الجبل وهناك كثير من الأماكن والقرى التي استملح عيشها وناسها فعاش بينهم وأقام سنوات من عمره وتزوج منهم حتى يواصل مشواره الفني وعطائه المتفرد في حكي وأداء فصول السيرة الهلالية ودواوينها منذ ديوان المواليد وحتى ديوان الأيتام
أخميم وبني هلال

أما أخميم "آبار الوقف" مسقط رأس الشاعر جابر أو حسين والتي عاش فيها طفولته وصباه وعاد إليها بعد غربته قال عنها دكتور عبد الحميد يونس في رسالة الدكتوراة عن الهلالية (أن بني هلال نزلوا أول ما نزلوا من ناحية الشرق نزلوا بأخميم) فلا شك أن هناك أنساب وأحفاد للهلالية بأخميم حتى الآن كما أن هناك أنساب لهم في بلدة بني هلال بالمراغة والتي يوجد بها لجابر أبو حسين صلاة قرابة وأبناء عمومة ونسب لأنه عاش بالمراغة فترة غير قليلة من سني حياته
وإذا نظرنا نظرة متفحصة نجد أن أنساب الهلالية تنتشر في صعيد مصر بشكل واضح منذ فتح الفاطميين مصر (فعندما تم للفاطميين فتح مصر فقد كانت الخطوة التالية هو فتح بلاد الشام لتأمين جبهتهم ولما كان القرامطة يسيطرون عليها …………… كان لابد من اصطدام الفاطميين بالقرامطة وخاصة بعد رفض الفاطميين إرسال الجزية لهم ومن ثم تهيأ القرامطة يساعدهم ويعاونهم بنو هلال وبنو سليم في مهاجمة بلاد الشام …………… إلى أن وصل بهم الأمر في مواصلة زحفهم إلى مصر حتى وصل بهم المقام إلى منطقة عين شمس ………………… وقام العزيز بالله بنقل بعض بطون العرب التابعين للقرامطة إلى منطقة مصر العليا ومن هذه البطون قبائل بني هلال ، وبني سليم حيث نزلوا في العدوة الشرقية من صعيد مصر)(1)
ومنذ الفتح الإسلامي لمصر في عهد عمر بن العاص تواصلت موجات من الهجرات العربية إلى مصر في عهد عمر بن العاص كانت الهجرات للجيش بلا أهل ولا عشيرة ولا أولاد ولا زوجات ولكن بعد ذلك جاءت موجات أخرى وهجرات وأقامت نهائيا بالصعيد (كما يجدر الإشارة أن تلك الهجرات العربية التي جاءت إلى صعيد مصر نقلت معها خلافاتها ومنازعاتها ولقد امتلأت بجموع من بني هلال بالجهات الشرقية حتي بلغوا الصعيد الأعلى ………………… بالإضافة إلى ذلك انضمام كثير من الأحياء في صعيد مصر إلى قبائل بني هلال كجشم والأتيج وزغبة ورياح م(1)ما جعل لبني هلال لواء الزعامة على صعيد مصر بأكمله وهنا يطيب لنا أن نذكر أن بعض القرامطة الذين استقروا في إحدى قرى سوهاج والتي تسمي حتى الآن بقرية القرامطة بشندويل والمسماه باسمهم حتى وقتنا الحالي قد انصهرت هي الأخرى تحت لواء بني سليم بالرغم أن كان للقرامطة لواء الزعامة على بني هلال في هجراتهم السابقة وهكذا قدر لبني هلال أن يلعبوا دورا رئيسيا في نشر العروبة والإسلام في أكثر من منطقة بالقارة الأفريقية ………………… في شمال المغرب العربي وفي السودان حيث كانت الحملات الهلالية إلى المغرب العربي تمر من خلال درب الأربعين الذي يبدأ من أسيوط في الصحراء الغربية حتي يصل إلى السودان والمغرب العربي عبر الصحراء الغربية وكل ذلك يرجع الفضل فيه لبني هلال الذين كانوا أعرف الناس بدروب الصحراء واستطاعوا مع قبائل بني سليم وبني حسن في تعريب كثير من القبائل المستعربة في دارفور وسنار ودنقلة بالسودان ………………… حيث أن هناك قبائل بالكامل بالسودان تنتسب إلى بني هلال وبني حسن وبني سليم مثل قبائل التنجور والبقاره)(2)
بني هلال في صعيد مصر
ومن الطبيعي أنه تبين لنا أن غالبية سكان الصعيد من القبائل العربية المختلفة خاصة من شبه الجزيرة العربية واليمن أو من المغرب العربي وكما عرفنا مما سبق أن قرية بني هلال بالمراغة هي في الأصل من أنساب قبيلة هلال بن عامر الهلالية العربية وليس بمستغرب أن يعيش جابر أبو حسين الشاعر العربي معظم حياته بالمراغة وله أقارب وأنساب وأبناء عمومة يقيمون بها حتى الآن وله ابنة تقيم هناك هي وزوجها من أبناء عمومته (الرجوبة) كما كان يقيم بها زكي هريدي وأسرته صديق عمر جابر أبو حسين وابنه الشاعر جمال أبو حسين وليس بمستغرب أن يكون هو وأخوته من حملة السيرة بعد والدهم وعمهم جابر أبو حسين .
وهذه السيرة التي مازالت صامدة وباقية حية تنبض حتى الآن بين أهل الصعيد فهي تمثل الغذاء الروحي الأوحد لأبناء هذه المناطق على اختلاف مناهلهم وأعمارهم لأنها تعيد إلى أذهانهم أمجاد عروبتهم وذكريات البطولة والفروسية التي كان يحياها أجدادهم ولأنها تربط حاضرهم بماضيهم ومفاخرهم فهي سيرة العرب وإذا استمعت إلى أبسط سيدة في سوهاج أو في الصعيد وهي تقوم بتهنين ابنها المولود فهي تربيه على هذه الأمجاد فتقول له :
مين ضربه مين هانه
دا كنه لأسمر خاله
دا الأسمر عبد أبوه
مايسيس إلا حصانه



وهي تقصد بذلك الأسمر أبو زيد الهلالي أي أنه من أنساب الفارس العربي العظيم أبو زيد الهلالي .
وتذكر الحكايات الشعبية أن أبو زيد عاش ما بين المراغة وجهينة وكان يتنكر في ثوب "سقا" يرش الدواوين بالماء ولا شك أن الصلة قريبة جداً بين بلدة بني هلال وبني هلال القبيلة العربية وفي نفس الوقت المراغة وجهينة التي تنقل بين قراها ونجوعها جابر أبو حسين ليروي سيرة أجداده للناس .
ولعلنا نستطيع أن نلقي بعض الضوء على أصل بلدة بني هلال (وبني هلال هي من القرى القديمة وقد دل البحث على أنها كانت تسمي زماخير وردت في نزهة المشتاق باسم زماخر وهي في الضفة الغربية من النيل وهي مدينة جميلة حسنة المباني كثيرة البساتين غزيرة المياه تحتوي على أنواع الحبوب والفواكه وهي بالقرب من جبل الطيلمون ……… الذي يعرف بجبل الهريدي الواقع شرقي النيل وفي الشمال الشرقي لقرية بني هلال فإن قرية بني هلال واقعة فوق فم الخليج المنهي أي في جنوبه وهذا الخليج هو الذي يعرف اليوم ببحر يوسف وأن كبار السن من أهلها يعرفون أنها كانت تسمي زماخير وأنها سميت بني هلال لأن أهلها ينتسبون إلى قبيلة بني هلال)(1)
ولقد ترك جابر أبو حسين بعد رحيله شعراء محترفين في أداء السير في شتي بلدان الصعيد كما ترك مئات بل وآلاف من عشاق السيرة ومحبيها وهي تؤدي بينهم في طقسها الهلالي حتى الآن في مناسبات الأفراح والختان والزواج والحج كما ترك العشرات من حفظة السيرة وهواة أداءها في الجلسات الخاصة والعائلية في سامر الأهل حتى أنك تجد جلسات السيرة ورائحتها في كل بيت من بيوت قري ونجوع الصعيد حيث لا تجد بيتا يخلو من أشرطة السيرة الهلالية وحيث تجد هواة السيرة وحفاظها ومنهم من يصل إلى درجة الإبداع والشاعرية أمثال الشيخ عبد المنعم أبو ستيت خمسة وسبعون سنة من حفظة السيرة وممن عاصروا جابر أبو حسين من قرية الشيخ مسعود طهطا وفي أخميم "نور الدين عشري" خمسة وثلاثين عاما(1) من عشاق السيرة وكان يرويها لزملائه الجنود .
هذا هو جابر أبو حسين الذي كان يمثل قافلة ثقافية شعبية هو وبطانته منذ الأربعينيات وحتى وفاته …………… ووفق مزاج ورغبة الحاضرين من عربان الصعيد داخل السامر الهلالي الذي كان يتشيع تارة لأبو زيد في جانب أو يتشيع للزناتي خليفة في جانب آخر والعجيب في الأمر أن هذا التشيع ليس صدفة فهناك أغنية شعبية تم جمعها من سوهاج تقول

احنا ولاد الشرق
عرب أحرار



مال الغرب بينا
ما نسبش التار



ويقصد بالشرق والغرب شرقي النيل وغربي النيل حيث الأصول العربية القادمة من شبه الجزيرة العربية تسكن شرقي النيل وتنتمي إلى معسكر أبو زيد والفريق الثاني للمعسكر الزناتي الذي ينتمي للزغابة حيث أصولهم العربية القادمة من أنساب قبائل اليمن تسكن الغرب (ويوجد في بلاد الصعيد عدة قبائل عربية نزحت أصلا من شبه الجزيرة العربية ففي أخميم توجد "بلي" وفي منفلوط وأسيوط وسوهاج توجد "جهينة" وفي بلاد الأشمونين "قريشي" وفي معظم بلاد البهنسة توجد "لواته" وتتفرع منها أفخاذ بالجيزة والمنوفية والقرامطة بسوهاج وتوجد بالبحيرة وبلاد الفيوم "بنو كلاب" أما قبائل "بني كنانة" ينتشرون في الشرقية إلا أن أكثرها شيوعا وذيوعا هي قبائل بني هلال عدة بطون استقرت في عدة أماكن في الوجهين البحري والقبلي فتوجد بأخميم "بنو قرة" وبأصفون "بنو عتبة" وبأثنا "بنو جميلة" وبساقية قلتا بسوهاج "بنو عمرو" ولا ينتهي الأمر عند هذا الحد فمنهم أيضا "بنو رفاعة" و "بنو حجير" و "بنو عزيز" وقد أطلق اسم بني هلال على تلك الأماكن ……………… بنو هلال قرية قديمة في الشرقية وبنو هلال التابعة لمركز دمنهور بالبحيرة وبنو هلال بقسم سوهاج ولهم امتداد في بلاد أسوان وجنوبها "وبنو هلال" هؤلاء بطن من بطون بني عامر الذين يقيمون في كل الصعيد حتى عيذاب على البحر الأحمر وإذا رجعنا بالأصول الأولي لأنساب بني هلال فإنهم ينتسبون إلى بني عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن بن منصور بن عكرمة بن حفصة بن قيس عيلان بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان وكثيرا ما يتباهون بأن ميمونة إحدى زوجات النبي الكريم كانت تنحدر من أصلابهم ويضفون بذلك على أنفسهم شيئا من الإجلال والتكريم)(1)
بني هلال في سوهاج

والسيرة الهلالية وعاء كامل متكامل يستوعب كافة أنواع الفنون الشعبية من الموال والعديد وأغاني الأفراح والأمثال الشعبية وهي قاعدة عريضة من قواعد الثقافة الشعبية المصرية وخاصة في الصعيد فمنها خرجت الأمثال الشعبية "كأنك يا أبو زيد ما غزيت" و "سلم على اليمين لو كان أبو زيد على الشمال" وخرج من السيرة حتى تهنين الأم لمولودها



يا جوهرة بين عقودي
لألبسك بدلة مقصب
يا جوهرة بين عقودي
لألبسك بدلة مقصب



يا رمش عيني الشمال
وأركبك ع الحصان
يا رمش عيني اليمين
وأركبك ع الهجين



وهذه السيرة التي تجمع جميع العرب والعربان على درب واحد درب التوحد والنسب والأعراق والأعراف والشرف والنبل والإقدام والبطولة.
وتوجد لها في بلدان الصعيد ذكريات ومآثر مازلنا نسمع عنها حتى الآن فحين تسأل حتى عن أسماء البلاد تجد في غرب طهطا تل الزوك وفي المنشاه الزوك الشرقية والغربية وفي أخميم الزوك وحتى في أسماء العائلات تجد في الشرقية العزايزة وفي قنا وفي كوم بدر عزوز وفي الشيخ مسعود وفي المراغة وتسأل يقولون لك في تل الزوك وجد كتاب النسب الهلالي وفي بر خيل البلينا كتاب السيرة الهلالية المفردة أيام كانت تروي على الطار الكبير عند السيد نوح وفي جهينة يوجد كتاب النسب وفي أسيوط قرية المعابدة بأبنوب يوجد كتاب للنسب هناك وفي طما سوهاج عائلة المعابدة ، ويوجد طبل الهلالية في بني هلال بالمراغة "طبل رجوج – طبل حرب" وتوجد العرابات والأنساب اليمنية والحجازية ما بين الغرب والشرق ويقال لك "احنا ولاد الشرق مال الغرب بينا"وبني هلال لها نظائرها في القوصية بأسيوط والشرقية بالوجه البحري وتونس وكما يقال في ليبيا وكانت هناك موقعة في بني هلال خرج فيها طبل ورايات الحرب كما يروي ، وبني حرب يقال لك إنها كانت "ساحة حرب" ، وتونس في سوهاج يقال لك عسكروا فيها الهلالية وكما يقال أن بلاد الهلة خمسة وسبعين بلد وعاصمة الهلة "الصفيحة" ، ومساعد في ليبيا وفي الصعيد "وفي العرابة ولاد مساعد" وفي سينا المساعيد والمساعيد بالمنشاه
ويقال لك "صوامعة وهلة" ، عاملي هلاوي ، وطابت يا هلة ، "وصوامعة ورياينة" ويقال من بني حرب ومشرق صوامعة ومن بني حرب ومغرب هلة ويقال بني حرب ومساعد والجرادات وتل الزوك آخر الهلة من شرق ، الصفيحة وكوم روي والشيخ رحومة غرب بني حرب وعمارة والجبيرات والقاضي ونزلة على ونجع خليفة هلة ، "الحريدية والشيخ مسعود" نزلة علي آخر الهلة من قبلي .
وبلاد الهلة تحتاج إلى العديد من الدراسات الشعبية لتدوين التاريخ الشعبي إلى جانب التاريخ الرسمي لهذه البلدان وما أسباب هذه التسميات مثل الصفيحة ، عمارة ، القاضي ، الجبيرات على سبيل المثال إذا نظرنا إلى الجبيرات (ومن نسل جابر وجبير انحدرت إلينا رجالات بني هلال ونسائهم الذين قاموا بالأدوار الهامة في مختلف فصول السيرة ، فجابر ولد له عامر وتامر وهشام وحازم . ومن نسل هؤلاء انحدر "رزق والد أبي زيد" وسرحان والد السلطان حسن . أما جبير فقد ولد له رياح ، وحنظل ، والنعمان ومن ذرية رياح "دياب" . فمن جدول النسب هذا يتبين لنا أن أبا زيد من نسل جابر بينما دياب من ذرية جبير)(1) فهل من الممكن أن يكون هناك صلة بين نسل جبير الهلالي ومسمي بلدة الجبيرات هذا يحتاج إلى تفسير ، وكذلك وردت في الكتب منطقة "سدير" من مناطق الرياض (أما بلدان سدير فعديدة ومن أكبرها وأقدمها حرمة عمرت سنة 770 هجرية ووشي ودوي وجلاجل والتويم عمرت 700 هجرية والداخلة والحصون والجنوبية والروضة "روضة سدير")(1) ألا ينبأ هذا الجزء عن أصول السديرات هذا أيضا يحتاج من الباحثين إلى دراسة وتفسير
ومن قبيل المصادفة أننا في أول مرة نسافر فيها لننتظم في الدراسة سنة 1993 بالمعهد العالي للفنون الشعبية أنا وصديقي محمد عبد الرحمن قابلنا في القطار رجلا عاديا يطالع في أوراق قديمة تشبه المخطوطات فأثار ذلك فضولنا وسألناه ودار بيننا حديث طويل عرفنا منه في نهاية الأمر أنه "نساب" أو "منسب" هذه هي مهنته واستغربنا الأمر كثيرا وكان يومها يبحث في نسب العزايزة فقال أنها توجد في قنا وسوهاج والشرقية وأنه مكلف من قبل كبار هذه العائلة ليستكمل لهم هذا النسب على مستوي القطر المصري وقال أنه يتقاضي على ذلك أجرا لا بأس به ووصلنا للقاهرة وافترقنا دون أن نعرف اسمه أو بلده وكان هذا مما أحزننا كثيرا حين دخلنا في خضم الدراسات الشعبية بالمعهد ومن العجيب أنه يوجد كما روي لنا أن جرد القبائل والعائلات يوجد في قرية "بنبان بحري" مركز دراو محافظة أسوان يوجد نساب قديم "الشيخ موسي أبو معوض" وله مقام وضريح ويتوارث أحفاده سجلات نسب القبائل في منطقة الصعيد ويروي أن الشيخ موسي أبو معوض نقل أو استنسخ هذا الجرد مما وجده مكتوب على الحجر في مقام سيدنا الحسين بالقاهرة وهو نسب الأشراف ويروي عن هذا الشيخ .
يا أبو معوض يا شريف
قد دخلنا في حماك
دا الحسن ثم الحسين
وابتغي الفضل رضاك (1)



ومن عجيب المصادفات التي حدثت كثيرا ونحن ندون هذا الكتاب أننا عثرنا على مجموعة أبيات شعرية من ديوان الإمام البرعي ذكر فيها اسم موسي وأغلب الظن أنه يكون ذلك الرجل من تابعي الصحابة وهو موسي أبو معوض يقول الإمام البرعي(1) :
وفي الحسين وفي نجل الحسين وز
وباقر العلم فالميمون جعفره
أبي على الرضي سامي الفخار وكم
أئمة من بني الزهرا لهم شرف



ين العابدين رحيم القلب أواه
وكاظم الغيظ "موسي" من كموساه
مستقبل السر من ماضي تلقاه
هم خمسة حيدر فيهم وزاهرا



إذا نظرنا إلى قرية بني هلال التابعة لمركز المراغة والتي تحدثنا عنها فيما سبق أن لها أصول تاريخية قديمة إلى ان وصلنا أنها تنتمي لقبيلة بني هلال التي تحكي عنها السيرة الهلالية فهي تنقسم إلى عائلات وبدنات (والبدنة في القرية أو العائلة هي الجماعة القرابية التي تنمي لها جميع البيوت والبيت يتفرع إلى عدد من الأسر المشتركة في الأصل الواحد وهم في بني هلال موزعين إلى عائلات على النحو التالي اليامنية – الجبالية – السوالم – الدريزات – العوامر – البيض – البكايره – الصماصمة – الزهارنة – الرضاونة – عطا الله – عبد الخالق – أبو على – الزقيمات – الشرفة الشرقيين – العصية – الشوش – حجازي – الشلبيات – القور – الهنادي – الفحاحرة – العادلي العبيدات – المرايرة – الفزارية – الحميدات)
وبالرغم من كل بدنة أو عائلة في قرية بني هلال تحمل اسماً لأصل واحد إلا أنه يتفقون جميعا إلى أن جدهم الأكبر هو أبو زيد الهلالي وهو الرمز الذي تلتف حوله أفكارهم وأساطيرهم(1)
أبو زيد الهلالي بطل الهلالية

لقد دارت حول هذه الشخصية الملحمية أقاويل كثيرة ونسجت حولها حكايات حتى أصبحت شخصية محيرة وملغزة ولقد أضاف الشاعر الشعبي لهذه الشخصية مقومات البطولة الخارقة والذكاء المتقد إلى أن وصل بها إلى حد الشخصية الخرافية الأسطورية .
يقول المستشرق إدوارد لين في كتابه عن "عادات المصريين المحدثين" وقصة أبو زيد تستند إلى حوادث وقعت في منتصف القرن السادس من الهجرة والمعتقد أنها دونت بل المؤكد أنها وضعت بعد لك بكثير .
وكما أشار كلوت بك في كتابه "لمحة عامة إلى مصر" إشارة عابرة إلى شغف المصريين لسماع هذا القصص وانقطاع الرواة للحديث بها وبعد أن أورد شيئا مما تحكيه القصة عن أبي زيد الهلالي قال والمفهوم أن قصة أبي زيد هذه كتبت في القرن العاشر من الميلاد المسيحي ولأن هذا المفهوم الذي أورده كلود بك مورد التسليم في التعيين للزمن الذي وضعت فيه هذه القصة ما تقرره الحقيقة التاريخية في شأنها لأن رحلة بني هلال الثانية إلى أفريقيا كانت في القرن الحادي عشر للميلاد وهذه الرحلة هي التي قام عليها هذا القصص وأوحت إلى القصاص بما افاضوا فيه من غرائب الوقائع والأخطار وإلى الشعراء بما تغنوا به من الأغاني والأشعار ……………
وقد أشار بن خلدون نفسه فيما ذكره عن هذه القصة إلى أن بطون بني هلال كانوا يتناقلونها خلفا عن سلف وجيلا بعد جيل أي أنها درجت على الألسن حتى عهدنا آمادا طويلة وأجيال متعاقبة(1)
فهذا هو أبو زيد الهلالي بطل الهلالية الذي كتب عنها طه حسين ودكتور عبد الحميد يونس وغيرهما من الباحثين أمثال دكتور أحمد شمس الدين الحجاجي والشاعر عبد الرحمن الأبنودي الذي اهتم بجمعها مازالت إلى يومنا هذا الشغل الشاغل للباحثين والدارسين إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها ومازالت السيرة الهلالية وأشعار رواتها الشعبيين معين لا ينضب ومازالت محط اهتمام البحث والتمحيص وهذا إن دل على شيء إنما يدل علي تفرد هذه السيرة وعبقرية الشعراء الشعبيين في الصعيد أو في الدلتا
إذن نشأت القصة الهلالية نشأة حققتها من التاريخ ودرج بها خيال القصاص والمحدثين ………………… بما يشبع لهفة السامعين ويشبع عواطفهم من تصوير المثل الأعلي في البطولة على أن هذه القصة وإن كانت قد وضعت في مصر واستوفت تفاصيلها من خلق العبقرية المصرية وبراعة القصاص المصري فإنها قد عبرت إلى الأقطار العربية الأخرى …………… وبخاصة في شمال أفريقيا وذلك لأن تلك البلاد كانت مسرحا للحقيقة التاريخية لهذه القصة (2)
ويشير إدوارد لين إلى أن القصة الهلالية تكون من عشرة أجزاء أو أكثر من الحجم المربع الصغير ………………… وغاية ما وجدت من مطبوعات القصة في دار الكتب المصرية قصتين إحداهما تسمي "الألفاظ الحسان فيما جرا لأبي زيد الهلالي مع مشرف العربان" والثانية تسمي "الريادة البهية وما جري للأمير أبو زيد والعرب الهلالية" والقصتان مطبوعتان على الحجر في أواخر القرن الماضي وقد كتب عليهما أنهما من تأليف "نجد بن هشام"(1)
ويروي المهتمون بالسيرة أن "هلالاً" قد زار مكة المكرمة على رأس أربعمائة فارس وطاف بالبيت العتيق وألتقي بالنبي المختار صلي الله عليه وسلم في مكة حيث أمره النبي بالنزول في وادي العباس فنزل وفرسانه ولقد شرف هلال بمناصرة النبي صلي الله عليه وسلم في دحر شراذم من أعداء الإسلام كما يروي البعض أن هلال نال شرف الجهاد مع النبي صلي الله عليه وسلم في غزوة تبوك واستقر المقام بهلال وبنيه في ربوع نجد العريضة وتجدر الإشارة إلى أن أحداث السيرة قد وقعت في القرن الخامس الهجري أي منذ ما يقرب من ألف عام من الزمان على أرض نجد والحجاز في البداية ثم انتقلت أحداثها عبر البلدان العربية بلاد الشام ومصر إلى بلاد تونس هربا من الفقر والجدب الذي نزل بنجد موطن بني هلال .
وقد برزت عبر هذه الأحداث بطولات هلالية يأتي على رأسها بطولات رزق بن نايل بن جرمون بن هلال قائد الهلاليين وفارسهم ثم ذاع صيت نجله أبي زيد الهلالي بطل هذه السيرة الذي خلف والده في قيادة جيش بني هلال حتى صار أبو زيد نصيرا للمحتاج ومغيثا للملهوف وما زال شعراء السيرة الشعبية في صعيد مصر يبدعونها ويتوارثونها من شعرائها القدامى أمثال جابر أبو حسين والسيد الضوي ومنهم من شعراء هذه الأيام محمد اليمني والسيد القليعي وعز الدين نصر الدين ورجب الصعيدي وعنتر رضوان ونور الدين ومطاوع وفرغلي في الموال والسيرة وكثيرين غيرهم وهؤلاء على سبيل المثال لا الحصر وللآن يسمي الواحد منهم ويلقب بالشاعر أو شاعر العربان وشاعر العربان (هو الشاعر الذي يشدوا بسيرة بني هلال مع قدرته الهائلة على الإبداع وممارسة الخلق الفوري للأحداث السيرة في ثوب شعري فشاعر العربان يتميز بمزيج من ملكة الحفظ وملكة الإبداع ذلك المزيج الذي يحول سيرة بني هلال إلى منظومة شعرية ملحمية محكمة البناء والتنسيق )(1)
جابر أبو حسين وفن الارتجال
يتميز الشاعر جابر أبو حسين بشاعرية مكتملة وموهبة فطرية ناضجة فهو يكاد يكون الوحيد من بين أقرانه وممن سبقوه في مجال السيرة وممن جاءوا بعده المتمرس بمقدرة عالية على ارتجال المربع الشعري المحكم القوي البنيان والرصين لغة وشعرا فلجابر أبو حسين مقدرة فائقة في التقاط الخيط من تعليقات سامره الشعبي ليرسل فورا مربعاته وقذائفه الشعرية الموجعة المعبرة في آن واحد ففي إحدى الليالي في أخميم قالت عنه امرأة وهو يروي السيرة "هو ده جابر يعني أعور" فلما سمع جابر قولها توقف عن السيرة وقال فورا
هياني جابر أبو حسين
على كتفي رامي العباية
ربنا خلقني كريم عين
وأنت مالك يا عديمة الرباية



وأنظر معي كيف أن جابر تجاوز حدود الصعيد وذهب إلى عاصمة المعز القاهرة حيث كان يدعي في مناسبات للسوهاجية المقيمين فيها منذ فترة طويلة فانظر إليه وهو يقول وقد كانت الليلة مستمرة حتى طلوع الشمس
كلام مطلوب
يا ليل يا ليل يا ليل يا عين
الشمس عليت يا ليل
أحب بولاق ومسكن بولاق
وأحب مصر العتيقة وأكره الوراق
وأحب خان الخليلي مجمع العشاق
إف يوم مريت وكانت طلعتي مني
رأيت غزال حلو وسطه رقيق له ناق
ألفت أقوله يا نور العين كلمني
ألفت وقاللي أنا ياما سبيت عشاق
الرأس رأس اليمام
والسن كاللبن والشهد بين الشفة
ويا بخت من كان داق
الصدر لوح الخطيب جاهل وعلمني
حرف الهجاية كتبنا بالقلم سورات




ولما تقدم به السن وكل عن السعي في أخرياته كان يرثي حاله دائماً وخاصة بعد أن فقد ابنه الشهيد عبد العظيم الذي أثر في نفسيته تأثيرا بالغا فكان دائما يكرر هذا المربع
هياني جابر أبو حسين
على كتفي رامي العباية
مخلفتش ولد زين
يقول عنك يا بايا



أي ليس هناك من يشبهه في فن السيرة من بين أولاده لينشدها من بعده ويحمل عنه عبئها ليرتاح هو أيامه الباقية بشرط أن يكون "ولد عال" يكمل مسيرته في نشر سيرة بني هلال
سيرة عرب أقدمين
كانوا ناس يخشوا الملامة
رئيسهم أسد سبع ومتين
يسمي الهلالي سلامة




وجابر أبو حسين في لحظات اندماجه لا يطيق أن يقاطعه أحد أو يخل بأدب الاستماع إليه فكان هذا السلوك المعيب في عدم السماع باهتمام واكتراث يجعله قلقا متوترا حيث كان في أحد الليالي مندمجا ويقول
غرورة إذا ولت سريع انقلابها
على الدوام بتبهدل السجعان
وتميل على الغندور تخرب منزله
وبيت الهفية مشرع البنيان

--------------------------------------------------------------------------------

فهاج الناس وطال هياجهم وكثر كلامهم وضرب أحدهم طلقات نارية فأوقفوه عن الحكي وخرج عن شعوره وقال بحزم (ما فيش داعي للكلام ده يا عرب ، وقت الكلام عشان دي طبعا دي كلام بيتسمع بيه ، سمع يتسمع مش ضرب نار ، مصلحة النار دي طبعا لما يكون في رقص فيه طبل فيه أية حاجة ، مافيش مانع إنما دي حاجات ماتدعيش ، إنما دي حاجات ماتدعيش)
وفي نفس الوقت يتيح جابر أبو حسين قسطا من الراحة بين حلقات قصه وأحداثه المروية ليعطي الناس متنفسا في الكلام مع بعضهم البعض ويتناوب معهم الفكاهة والدعابة ليهيئهم لما سيأتي من أحداث ومن الملفت للنظر معاداة السيرة الهلالية لليهود على طول الخط عند جابر أبو حسين فأنظر إلى هذه المقاطع بين الهلالي سلامة مع اليهودي في إحدى قصصه
بص اليهودي وقال للأمير أبو زيد
عملت لي معلم دين تاخدها من بين ايديا
ولازم آخدها من بعد ما أفقد حياتك
يا واطي يا عبد يا ابن الردية
بالله أهي خلاص ضاعت حياتك



قال الهلالي سلامة
قاله لا تحلف ولا تقول
بطالك اللي جايب
وبمين حملك لتقول (لتقل)
وصالي لتزور الترايب



وصرخ اليهودي لما جاه
زعق اليهودي لما جاه
قرب عليه باليماني
كيف البحر قايم لموجاه
وخده شمالي ويماني
*********
والأسمر خده ضرب قدام
والست رخت الضفاير
وقف في جنبيه زيدان
وبسيفه والسبع داير
**********
من العصر لما غرب الغرب
الاتنين ما ليقوا بصارة
ومن الليل لما عقب الضهر
أبو زيد باع العمارا (العمر)
*********
رماه الفتي ع السيف قطعتين
وفي دمه خاضت الكحيله
أخوه بكا بدموع العين
قال والله الليالي كحيلة (سوداء)
*********
قال ضاع هصهيص وصنصيل
وشمعون كان الأولاني
أنا نار قلبي في البلا "حيل"
لأخربها شمالي ويماني



ومازلنا نواصل إلقاء الضوء على عالم رائد الشعر الهلالي جابر أبو حسين وعلى مدي صدقه الفني في الأداء الصوتي الغنائي والتمثيلي وحينما أردت التعرف على هذه المقدرة رجعت إلى سماع أشرطة الليالي الحية لجابر أبو حسين وهو يؤدي "الطقس الهلالي " كل ليلة في قرية بعينها من قري صعيدنا وهذه الأشرطة جمعتها من عشاق جابر أبو حسين وعشاق السيرة ، والطقس الهلالي الحي يساعدنا كثيرا في الوصول إلى مبتغانا لسبر أغوار شاعرية هذا الرجل وتفرده في الأداء والارتجال لدرجة المعايشة والتوحد مع شخوص وأحداث السيرة ومع جمهوره الذي يحفظ عنه ويعرف أدق تفاصيل السيرة وأسرارها حتى النوايا الداخلية في العداوات الشخصية بين أبطال السيرة بعضهم لبعض حيث يظهر فهمهم ومتابعتهم جليا في عبارات التعويق على جابر وهم يتابعونه لحظة بلحظة ويظهر ذلك أيضا في ردود أفعالهم على الأحداث وهذا الذي يحدث في الطقس الهلالي من معايشة وتوحد بين الراوي والسامر الذي يصدر عبارات فائقة الروعة وكأنها تصيب الهدف وتكمل شكل المسرح الشعبي الذي نفتقده اليوم ويحدث ذلك بشكل كامل ومتحقق بين راوي السيرة وسامره من المحبين والمعجبين والمضروبين بالسيرة ونلحظ ذلك بشكل خاص في متابعتنا لليالي الهلالية الحكية لجابر أبو حسين فأنظر إلى تعليق الجمهور في موقف ما من السيرة على سبيل المثال لا الحصر
يقول جابر (إلا يحلف أبو زيد بيمين رفض القرعة التي وقعت على عامر الخفاجي إلا وأتي دياب)
دياب يوجه كلامه لأبو زيد
قاله طاوع ناسك يا كداب
ياواد يا قلع تحلف يميني



فرد أحد الحاضرين معلقا على كلام دياب (ده حقنه …… هو عاوزه يروح مايجيش)
فيكمل جابر على لسان دياب
ناسك الكل بهادنوك
دقوم أنت تحلفلك يميني
والله ما تروح ليقطعوك
يقعوا شمالك ويميني



فأنظر معي حين يبدأ جابر بالمديح والإنشاد في مستهل طقسه الهلالي
تنسمت الأرياح في مولد النبي
والمسك فاح وعم في الوديان
وقد خاب عبدا لايصلي على النبي
نبي عربي قد خص بالقرآن



وبعد أن ينتهي من وصلة المديح في استهلاله الديني يدخل بنا إلى همه الشخصي فيقول
بتخوني ليه يا دهر وتكسرني في العضا
صبحتني وبعد الهنا تعباني




ثم يكررها ويدخل "الكورس - بطانته" في ترديد التيمة الشهيرة لليالي
ياليل يا ليل آه يا ليل يا ليل يا ليل
ثم يدخل في قصته
أنا الدريدي ما ياكل السبع نايبي
رضيع اليتامي رمانة القباني
أرجع بكل القول يوم طلق العدا
ورايا الصبايا كاحله الأعيان
********
كنا بنعمة قد خفضنا زماننا
صبحنا أذلة والعزيز يتهان
ياما ضحكنا وكان البكا عند غيرنا
وأدي اليوم بكينا وخصمنا فرحان




أثر جابر أبو حسين في السيرة الهلالية
كان لجابر أبو حسين الأثر البالغ في خلق أجيال من عشاق السيرة الهلالية في محافظات الصعيد وخاصة سوهاج وقنا ومما سبق عرفنا أن أنساب بني هلال تنتشر بشكل واضح في هذه المحافظات ما بين أسيوط وسوهاج وقنا والأقصر وأسوان مما كان له الأثر في خلق مسميات بعض البلاد بهذا المسمي بني هلال فعلي سبيل المثال توجد كما ذكرنا في مركز المراغة بسوهاج وتوجد في غربي القوصية بأسيوط كما توجد في الشرقية بالوجه البحري وقيل إنها توجد في تونس وليبيا بنفس المسمي .
ولوحظ تشابه كثير من أسماء البلاد والعائلات في صعيد مصر بنفس المسميات حتى في السودان فقرية عنيبس بجهينة توجد أيضا بنفس الاسم عنيبس بالسودان وآل مقلد بطهطا وقنا وأسوان والشرقية فيوجد أيضا آل مقلد بالسودان في عطبرة ودنقلة وبور سودان كما روي ذلك عم حسن مقلد تاجر سوداني للغلال والعطارة قابلته في الشلاتين سنة 1999 . ولقد كان الفتح العربي الإسلامي للسودان على يد قبيلة جهينة وبني ربيعة وكذلك توجد قبيلة الرشايدة في صعيد مصر والسودان والشلاتين وحتي بلاغد الدلتا بالوجه البحري ويحفظ أبناء الرشايدة في الشلاتين السيرة الهلالية وهم من سلالة هارون الرشيد وهناك مناطق بالكامل غربي طهطا بسوهاج تسمي بلاد "الهلة" ويحيطها من الجهة القبلية نزلة على ونجوعها من الجهة البحرية نزلة عمارة ونجوعها ومن الجهة الشرقية قرية الجريدات وتل الزوك أما الوسط فيحتوي على كل من قرية الكوم الأصفر ونجوها وكوم بدر ونجوعها وقرية الصوالح ونجوعها وقرية الصفيحة ونجوعها وقرية الشيخ رحومة ونجوعها وقرية نزالي داود ونجوعها ومن الجهة الغربية نزلة القاضي ونجوعها وقرية الجبيرات وأغلب بلدانها تقع في الهضبة الغربية الصحراوية .
وأسماء البلاد كما يروي بعض الإخباريين من هذه المناطق أن بلاد الهلة كانت تسمي في الصعيد على أسماء المشاهير الهلالية والفرسان الذين مكثوا في هذه البلاد مثل كوم نايل ، الصفيحة "صافحت القبائل واصطلحت" ، بني حرب "ميدان حرب" ، التل ، وادي مسعود ، نزلة على ، الكوم الأصفر ، كوم بدر ، وادي عمارة ، عبادة ، نجع خليفة ، نجع أبو راس ، الخمار بجوار القاضي .
وتنتشر في بلاد الصعيد عادة تسمية الأبناء والبنات على المشاهير في السير الشعبية فتجد اسم الجاز وخليفة وأبو زيد وعلام وقمصان وسرحان وعالية وخضرة وبدير وسعيدة وكثير من الأسماء .
ويوجد الكثير من هواة السيرة الهلالية في محافظة سوهاج أمثال هريدي محمد حسن توفي سنة 1995 وعبد العال عامر ومحمد محمد عامر من الصفيحة ورجب عبد النبي من الطوايل ساقلتة العوامية نجع خضير 95 سنة والمرحوم أحمد محمد مكي 95 سنة ومحمد أحمد مكي 65 الشيخ حماد بالصفيحة وعلى قرون 75 سن الصفيحة وقدري محمد السيد وكامل أحمد إبراهيم الصفيحة الشيخ حماد وصادق تاوضروس من فناني الموال بالصفيحة والشيخ عبد المنعم أبو ستيت من حفظة السيرة بالشيخ مسعود بالإضافة إلى عم جرجاوي بقرية عنيبس بجهينة من حفظة السيرة بالنثر وجابر عبد اللطيف بالشيخ مسعود 65 سنة ويقول (كان عندنا واحد زمان يهوي جابر ، عملية شاعر وكان أعور وأعمي مش بيقرأ من كتاب ، دي حاجة مواهب ، ويمسكلك في قصة أبو زيد وتجمع الناس في ليلة النص من شعبان في الجبيرات ، وتقوم عيلة زي السديرات وبيت حمد الله ويكون موكب كبير خالص وكان جابر أبو حسين يمسك الربابة ويشعر في قصة الهلالية فالناس أعجبت بيه وتجيله من إسكندرية وتتمنى أن يكون الشاعر جابر أبو حسين على طول في النواحي دي من البلاد
فكان عندنا واحد اسمه عبد العال عامر من الشيخ مسعود يغوي كلام جابر أبو حسين فكان أيام موسم الدميرة اللي هو البحر كان بيجي زمان ، ويدعي جابر أبو حسين لقضاء ليلة في قرية الشيخ مسعود وكان يلبي الدعوة ويحضر وتحتفل البلد ككل بهذه الليلة والاستماع إلى جابر أبو حسين ، وحبا في جابر أبو حسين سماني أبويا جابر …………… لأن والدي كان يحب يسمع كلام جابر اللي هو الشعر وأنا حضرته فكان الراجل يقعد أرضي يجيبوله "قياسات الحصر المصنوعة من الحلف" وكانت قعدة زي قعدة العرب وكان يمسك ربابته مسكه كده على فخده وصدره ينطق بكلمات تنطق معاه الربابة بتاعته ،وكان أعور بعين واحده وكان ليه نظره فكان ينظر إلى الجمع الرهيب وكانت تجيله ناس بدون دعوة(1) وكان لما حد يعاكسه ولا يقوله يا أعور كان يرد عليه بأدب أخلاق )
أنا جابر أبو حسين
راجل ظريف المعاني
وأدلي يا أبو القميصين
خلبطني وأعمل بكاني




ونكشف السيرة الهلالية ودراستها تاريخا واجتماعيا أنها نشأت في الشمال الأفريقي وازداد الاهتمام بها إبان الاحتلال العثماني وكانت وسيلة لتزجية أوقات الهزائم والإنكسارات على يد الاستعمار التركي وذكر الأمجاد القديمة والانتصارات والرجالات القديمة التي لا تعوض في هذا الزمن كما يقول المثل الشعبي "الخواجة لما يفلس يدور عالدفاتر القديمة" وهناك مثل عن السيرة "سلم على اليمين لو كان أبو زيد على الشمال" كانت السيرة الهلالية في مصر وإذاعتها في السبعينيات من القرن العشرين إثر هزيمة 1967 حيث يلتف الناس حولها لسماع أمجاد العرب الأقدمين .
إذن تكشف السيرة الهلالية تاريخيا واجتماعيا عن وحدة الوطن العربي ووحدة الدم والنسب من المحيط إلى الخليج فما يوجد من أنساب عربية في مصر يوجد نظير لها في معظم البلدان العربية في بلاد الحجاز والشام والعراق والمغرب وفلسطين وجاء العصر التركي وبعده العصر المملوكي الذي قام بحملة لتطهير الصعيد من بقايا الهلاليين وقبائل العرب على يد المماليك والهوارة ونزوحهم إلى الجنوب وشمال السودان .
وكما يذكر منصور كامل أحمد آبار الوقف 50 سنة بجوار منزل جابر أبو حسين ( أنا بقول لسيادتك حافظ شيء مش كامل أنا أقولهولك بنفس تلحين عم الشيخ جابر نفس النغمة بتاعة السيرة الهلالية هو اللي كان بيغني وكان عيلحن وكان عم حسن أخوه يمسك الربابة جار منه وكان المرحوم ذكي هريدي من المراغة ، طبعا نمدح في النبي شوية وبعدين نخش)
مديح خير الورى محمد
وبنوره الكائنات ترشد
كفاني شرفا بن البرايا
بأني أدعي مداح محمد
*******
رأيت قبة على بعيد
وبداخل القبة نور محمد
بعد مديحي في جمال محمد
إصغي كلام شعري ذق معناه



طبعا الحته اللي هقولهالك شوف تونس ليها سبع ببان ، طبعا عشان يدخل يبيع التجارة اللي هو أبو زيد سلامة فعاوز باب يدخل منه ، الببان مقفولة فجه مع الجاز فقال لها أنا عاوز أدخل فقالت له في واحد بواب اسمه منصور(1) ده "انلاغوه" فيه الكلام علي الله يفتح قال لها طاب تعالي
قالت له يا منصور
افتح باب الصور
ندخل بدستور
ونبيع التجارة
******
قال لها يا ظريفة
خايف من خليفة
في ايده حربة رهيفة
تنفد في الحجارة
*******
قالت له يا نور عينيه
افتح وانظر عليه
دا احنا تمانين صبية
في حبك مش خسارة
*******
قال لها يا ست الصبايا
ما تحاوليش معايا
فيه رؤسا ورايا
ومش هالقي بَصَارة
*******
قالت له يا نور عيني
افتح وانظر زيني
وفيه بينك وبيني
نقعد ف اختصاره
*******
قال واحنا اصطبحنا
وعلشانك فتحنا
ولو خليفة دبحنا
في حبك مش خسارة



(ومما سبق في الجزء المروي يسرد جابر مربعاته بطريقة مختلفة عن المربع التقليدي باتفاق ثلاث شطرات وتوحد الشطرة الرابعة في كل القصة)
ويستمر الراوي
ميل وراح فاتح الباب
وقال خشي يا ست الروح يا عجوبة
إلا المهرة كالريح وطياب
ودخل الزعيم بالركوبة



(دخل الهلالي ، ورءاه قال إيه ده ، داخل رايح فين يا شيخ العرب ، هو انا فاتح لك أنت ، راح نزل م الركوبة)
قال أنا بيك موعود
تعالي يا وحش عرضك وطولك
ما هياني أنا الحاج مسعود(1)
وطلبك راح أمشيهولك
***********
قرب إيده من عنقه لواه
وقال له أنت عيشتك عالدنيا خسارة
ما دام تقصد شيء يغضب الله
عفص موته باختصاره



قام دايس عليه لما طلع روحه بإيديه وقال أبو زيد تخش البنات بستر مولاي
يابنات خشوا بستر مولاي
إن شاالله نطلعوا بالسلامة
أنا ساير وأنتم وراي
توسلنا بعروس القيامة
"أصلي على النبي"




ومن الكتب القديمة التي كان يستعين بها جابر سيرة العرب الحجازية والتي يؤكد المقطع التالي هذا الكلام
يا بواب منصور افتح لنا الصور
نسر له بدستور ونبيع له الجارا
افتح لا تبالي دحنا لا عيالي
ونبيع المخالي واحزمة المهارا
**********
والله يا ظريفة خايف من خليفة
له حربة رهيفة تمرق من الحجارا
والله يا بناتي خايف من الزناتي
من ضربه فاني ويزور القبارا(1)



ويضيف الإخباري منصور : كنت بأحضر ليالي وأي ليلة كنت باسجلها "آبار الوقف تابعة لمجلس قروي نيدة"
قال أنا جمل يا عيني
بس يا خسارة الزمن ميال
وذلني البين وحملي
عالكتاف ميال
*******
من بعد ما كنت أقطر
كلة القعدان(1)
صبح القعود الجلب
يسير قدام
********
ومشيت في الصحرا
والطريق قيال
دا انا عوفت اللحم واللية
واعدمت صاحب عزيز ليه
وكان ميال



وإذا نظرنا إلى التراث الشعبي نجده مليء بموروثات عن الخيل والأمهار والجمال والنياق والقعدان والبل وهي الإبل نجده يصول ويجول في إبداعات الجماعة الشعبية عن الخيل والجمال باعتبارهما أحب المخلوقات للإنسان . فالجمل هو الذي ركب عليه سيدنا رسول الله صلي الله عليه وسلم في هجرته من مكة إلى المدينة وكان أهل المدينة يتباري كل منهم لاستضافة النبي فقال لهم اتركوها فهي مأمورة إلى أن استقرت في مكان بني عليه النبي صلي الله عليه وسلم مسجد قباء أول مسجد في الإسلام ، والجمال في التراث الشعبي في مناسبة الحج شيء أساسي لأن السفر كان بالجمال وكان سائق الجمل يسمي "حادي" ومن هنا جاءت حداءات الإبل أي أن الحادي وهو سائر يظل يحدي ليسري عن نفسه في حر الصحراء ووعورتها وعندنا يسمي "جمال" وأنظر إلى الإبداع الشعبي عنه
يا عم يا جمال
حملي عليا مال
يا عم يا جمال
يا عم يا جمال حود
حود وشيلني من تقيل الأحمال
وإن حملي مال يبقي الحق عالجمال
يا عم يا جمال حود
إنزل من فوقي
وبل شوقي
وإن حيروني
لاخد الاتنين والتلاته
وإن حيروني
لبيع الاتنين والتلاته
يا عم يا جمال(1)



وهذا نوع من حداء الابل لتحفيزها على الإسراع في الخطي وإنجاز المهمات والأعمال وكان هذا أيضا منذ عهد النبي صلي الله عليه وسلم في سير الإبل في الغزوات (وقد سار النبي بأصحابه ثلاث ليال طوال ، وكان يسرع في السير ليفاجئ القوم قبل أن يستعدوا له ويحث أصحابه على ذلك وأمر "عامر بن الأكوع" بأن يحدوا الإبل ، ويغني لها ليلهب نشاطها فقال له النبي صلي الله عليه وسلم "انزل يا بن الأكوع ، فخذ لنا من هناتك" فنزل وغني للقافلة بشعر بن رواحة)(2)
والله لولا الله ما اهتدينا
ولا تصدقنا ولا صلينا
فأنزلن سكيينة علينا
وثبت الأقدام إن لاقينا



ويستمر الإخباري منصور في الوصف (أوصفلكم البنت لما جوا كل البنات جوا سلموا على أبو زيد ما عدا واحدة اتلفلفت مرضيتش تسلم عليه أبدا "بنت عامر الخفاجي" فيسأل بنت مين دهيه ؟ قالوا له أوصفها لنا واحنا نقولو لك بنت مين ……… "وعامر الخفاجي من العراق أساس يبقوا خواله الهلالية" قالهم أنا هوصفها لكم وانتوا تقولو لي بنت مين قام صار ينشد ويقول صلوا على طه الرسول …… فقعد يوصف في البنت حتة حتة)
الرأس منها مثل اليمامة
والشعر مسبول على القمصان
والقورة حلوة قوي جليَّ الذي خلق
والحاجبين مقرنين لبعضهم
من تحتهم رمش العيون نعسان
والأنف منها كيه حسام مجرد
بيد فارس نازل الميدان
والفم منها كيه خاتم من ذهب
وسنان لؤلؤ والشفة مرجان
والصرة محشية مسك مع ريحان
وبعد ذلك فيه "……………"
مفتاحها من داخل القمصان
يا بخت من كان يفتح لبابها
يقضي زمانه في الصفا غرقان



ويضيف إخباري آخر هو "البدري صابر" قال لها أمانة يا حلوة الزين ، الحتة إلي هاقولها لك دي مش عارف مرت عامر(1) الخفاجي لما طردها والواد جه أسود لكن أبوه أبيض فراح طبعا عمه قال له الولد ده مش ولدك ده ولد عبد من العبيد …… قال لها خدي مالي كله وما تقعديش عندي ، طيب أربي الواد في حماك ، قال لها خلاص خلصت ، فجه شيخ الولاية فرمي الدبوس في المال جابلها نص مال سرحان(2) …فخدت جمالها وبعيرها وقصدت على فين على الرياض لما ليل عليها الليل فقالت أبيت في الحتة دي إلا وجوا جماعة قاصدين المال الجارية بتاعتها كانت اسمها سعيدة لما وعيت لستها ماشية راحت قصدت لباب الله وراها بيتت معاها في البلد دي في حتة مقطوعة … برزوا(3) بالجمال وراحوا قاعدين لما جوا دولهم قاصدين المال ، الجمال زامت(1) قالت لها قومي يا سعيدة دا أنا سامعة زغي(2) في المال قامت سعيدة لقيت دا بني آدم لما جه هو كشف البرقع بتاعها لقيها حلوة قوي بعد ما كان عاوز المال قام صار ينشد ويقول أنا وأنتم صلوا على طه الرسول
قال لها أمانة يا حلوة الزين
قلبي عليكم مترجم وهايم
ما أنا وأنتي نناموا دقيقتين
وماعايزش فيكي بهايم
*******
تسمحي لو نصف ساعة ع الفراش
يا زينة وأقرب نهودك
وأنتي من هنا ما تهمليناش
وأخبريني

الأصل وين جدودك
********
وأنا آخدك حدايا في قصري
وتبقي كأنك حليلة
قالت له الحرة زودت همي
أنظر في عيني دموعي
دا أنا ولية واضعة(3) في دمي
للآن ما تميت سبوعي





جابر أبو حسين والمراثي الهلالية
موال لجابر أبو حسين خارج السيرة يؤديه عن طريق أداء العديد الشعبي في الصعيد
مادام أنت راجل
ما تزعلش إلا من راجل
والندل عده مره
ومداس للراجل "للرجل"
إيه فايدة المال مادام
في الجد مش راجل
قال منين أجيب خل
أتخذه عشير وذو مال
أتخذه سنيدي
لغدرة الزمان إذا مال
لو صابني ضيم
ألاقيه سندي راجل
ويضيف حسين جابر أبو حسين :
كان يرتجل يعني لا مآخذه شوف أي شاعر يقول إللي حفظه مافيش ، هو لا مآخذه مبدع يرتجل ممكن يكون كل موقف يكون حافظ بيتين لكن ممكن يآخذ ساعتين ، الليلة كلها
ويضيف منصور :
عامر الخفاجي لما اشتد عليه المرض وفي الآخر راح يزوره حسن الهلالي وأبو زيد سلامة كانت معاه بت واحدة اسمها "دوابه" قول أول ما دخلوا عليه كان هو ابتدي يفقد الوعي
قاله سلامتك يا ابن ضرغام
أنا الهلالي سلامة
عشمي من الله إنه يزول عنك درغام(1)
عامر قال فينها السلامة



"خلاص يا حبيبي انتهي الأمر أراد الإله وأنا يا ابورية ماهو قصر العمر اديكو انتم الاتنين معايا يا ابو مخيمر وصيتكم دوابه
وصاتكم وليه معاكم فايتها
يابو صبرة ولا تهينوها
أيوة نعم على الإله فايتها
ولكن عديمة الوالد أبوها
*******
في الكلمة دي حضنوه الاتنين
عيونه بكان الدمع سيل دماها
مال الخفاجي وشهق شهقتين
والروح وصلت مولاها
*******
طلعت عروسة الجسم منه
مين شرب مر حنضل كفاني
بكوا مال هوايا منه
قوام جابوله الكفاني
*******
جابوله الكفن وفي الحال لفوه
وودعوه قاموا الحبايب
ملايين ماشية وآلافوه
سدوا عليه لحد الترايب
********
وقروا الفاتحة مالكتاب
وعزوا دوابه البهية
وعزوا حسن بن سرحان
كل العرب احترموها
من بعد حس أبوها
أصلي على النبي



· ويلاحظ هنا أن حافظة الرواة فيما سبق ليست دقيقة بالمعني الكامل في الحفظ عن جابر أبو حسين
وتعد السيرة الهلالية من أهم الوثائق الشعبية العربية وهي بحق تعد وثيقة من وثائق المراثي الشعبية المطولة بحيث أننا نستطيع أن نسميها المراثي الهلالية وخاصة أنها تشيع فرسانها فارسا بعد فارس وخاصة في مقتل عامر الخفاجي ، الزناتي خليفة ، موت أبو زيد
ويروي عم حسن محفوظ بني حرب في يوليو 1997 متأثرا بجابر أبو حسين (الزناتي كان زعيم وأبو زيد كان منجد الغلبان ، لما اضرب عامرالخفاجي وقع في الجنينة بكت دوابه وقالت يابايه)
يابايه يا طويل القام
والبين فصل تيابي
وجات سابلة عالقام
تسعين قبيلة أبو عامر
خليتها مره علقام "علقم"
قالها يا دوابه يا بتي
بصي وانظري فيه
دي ضربة هفية
زقتني المر والعلقام



ويروي عم حسن أبو زيد قال لما مات حسن وبدأ ملي على العد للنسوان واللي عطته رغيف قالها الأول قامت أم بتاوه راحت شاتماه فقال إيه
شبنا والشيب عاد فينا مدنه(1)
وعدنا كيف كراديس حلفا
في السنين شناع(2)
وفاتوا علينا الصبايا
ما عدوش رادين قناع(3)
********
يا سعد خبرني يا مسعود
على فين سوق
فيه الكبر يتباع
أنا أبيع الكبر واشتري صبا
قبل ما يتأتي في الزمان تراع(4)
ويقول حسن محفوظ "وعم جابر قال إيه"
قال فيه وجد في صدري
لو شكوت إلى الجبل
كاد الجبل منه يدك علاه
********
فيه وجد في صدري
لو شكوت إلى الحجر
لكاد الحجر منه يدك علاه
********
ولا خير في امرئ يمجد نفسه
ولا خير في رجل قليل حياه
ومن شق جيب الناس(1)
الناس شقت جيبه
ومن نعل أبات الناس
الناس ينعلوله أباه

----------------------------------------------------------------------------

ويلاحظ أن الراوي هنا يتصرف كيفما شاء فيما حفظه عن جابر أبو حسين وله عذره في ذلك فهو يعتبر من هواة السيرة ، أما إذا نظرنا إليه في رمي الموال نجد أنه يتقنه ويجيده يا دنيا عيب اختشي عقلك ردي كدا ليه
والسبع منك طفش سكن الجبل كدا ليه
والخسيس عمل إيه شتم الأصيل كدا ليه
والسنط طرح قرض والنخل هيف ليه
والشوك فجت روايحه والورد عتم ليه
والواد فتح ف أبوه والأب ساكت ليه
والأم شايفه بنتها في المعاصي وتخبي عليها ليه
هو الزمان اللي وصي حسن اليماني عليه



وأنظر إلى عديد الصعيد :-
قل ما أقول العروق تطيب
تاريها العروق معينة عتجيب
********
يا شمس يالا روحي لبلدك
قولي للحبيبة روحي لولدك
يا شمس يالا روحي لبلادك
قوليي للحبيبة روحي لولادك



وتصوير العديد في السيرة على آلة الرباب الحزينة والحنينة في نفس الوقت والقوية في وقت آخر والتي تصور الحرب والمعارك والتحام السيوف ومقابلة الأبطال الصناديد كما تصور أيضا العاطفة ومشاعر الحزن والعديد وهي آلة لا تخدع أي لا تعرف الخداع فهي صادقة في تصويرها للمعركة وهي صادقة في تصويرها للحب وهي أيضا صادقة في تصويرها للحزن
ومن أهم المراثي الشعبية التي أبدع فيها جابر أبو حسين في الوصف الدقيق لعملية القتل والموت وتشييع الجثمان حتى الدفن واللحد وتصوير العديد وحزن الصبايا والنساء على الأبطال والفرسان من الأخوة والآباء حيث أن الشاعر جابر المستوعب لفنون بيئته الشعبية السوهاجية على وجه الخصوص وصعيده كله على وجه العموم حيث أنه عاش وعايش طقوس الموت والحزن وأيام الحداد والعزاء في صعيد مصر وسمع كثيرا نحيب الأرامل والثكالي وعويل وصراخ البكارة والعذارة لمن فقدن أزواجهن وإخوانهن من الكبار والصغار والشباب حيث استطاع بحسه الصادق أن يستلهم تراث بلاده في العديد ليصوغ منه مرثياته الشهيرة عن عامر الخفاجي والزناتي وموت أبو زيد ولم يكتفي فقط باستلهام الصياغات والتراكيب "سكن لحدها والترايب" والتعبيرات الحية من العديد والمقولات الشائعة في هذا الصدد على لسان الندابات والمعددات من نساء صعيدنا حزنا وعدا على موتانا يوم بعد يوم (يوم بعد يوم يا عزيز بتهون) و (قالوا يا عزيزة جوزك مقبل قالت وأنا قلبي ع الهم متدبل) أي يقل الحزن ويضعف مع مرور الأيام واستطاع جابر أبو حسين بحسه الفني وعبقريته كمبدع ومؤلف وملحن أن يستلهم نغمه الحزين الشجي في تصوير هذا اللون من العديد الشعبي داخل السيرة حيث استطاع أن يطوع أدائه في هذه الأجزاء كما لو كانت بطانته من "المعددات" في قوله "ليل يا عيني يا ليل يا عيني آه يا ليل يا ليلي آه يا عيني" وكما لو كانت الربابة تبكي وتؤدي وتردد صدي النحيب والبكاء حتى تحس أن جابر كما لو كان يعدد على حاله وهو يصور لنا حزنه الشخصي الخاص "على وفاة ابنه الشهيد" أو حزنه العام حزن جماعته الشعبية على مقتل فارس كأبو زيد أو الزناتي أو عامر الخفاجي المشهود لهم بالبطولة والفروسية حتى في تصويره لحزن الأمير رزق بن نايل على نفسه في عدم الإنجاب
أنا كبرت وقصر باعدي(1)
لازم أسأل على بختي وأشوفه
والأيام طالت باعدي
يا مولاي ما عندي خلوفه



ويقول عندما توفي ابنه الشهيد في الحرب بحزن شديد
كنا تلاتة أربعة واتوفي فينا الناصح
كنت أنصح الناس وعايزلي متين ناصح



ويقول الشاعر العربي عز الدين نصر الدين "من تلاميذ جابر أبو حسين"
قال يا غزة غزك البين بين
ما فيكي ماء في الأرض جاري
وجرحي في جوفي معين
وربي ما عنده خياري



وحزن أبو زيد وحسن السلطان على "عامر الخفاجي" هذا الرجل القدير عالي القدر والنسب والبطولة .
يصور لنا جابر شأن حال الحدث ذاته بشخوصه وتفاصيله حتى أننا نحس وكأننا مشيعين وحاضرين لحادثة الوفاة وخاصة وهو يصور مقتل الزناتي وحال ابنته سعدي وحال القبر الذي يستعد لطيه بداخله ثم يبدع أكثر ليصبح هو جزء من كل داخل هذا الحدث ويستغرق في حزنه هو ليطفيه على السيرة ويأخذ من وجعه وهمه ليصبه على القصة أو الحادثة المروية
هذا هو جابر أبو حسين الذي نكتشف يوما بعد يوم أنه كان فنانا وشاعرا وإنسانا ذا قلب ومشاعر فياضة نادرة الوجود ورجلا بمعني ما تحمله هذه الكلمة نحس كل يوم أننا أمام عبقرية شعبية قلما يجود الزمان بمثلها وقليلة كلمات الفن والشاعرية والإنسانية بحق على هذا الرجل فهو "عبقرية شعبية" بكل المقاييس الفنية والإنسانية .
وتردد المراثي الهلالية أيضا في حالة السجن أو الأثر لأحد فرسان السيرة من كلا الطرفين الهلالية أو الزناتية من هنا أو من هناك حيث يبدع الشاعر الشعبي أيضا عديده ومراثيه من خلال معانات الأسير أو السجين داخل الحبس وأسوار السجن الفظيعة حيث يصور حال حاله هو داخله هو في حبس دائم وأسر لروحه والمحبين له خارج الحبس وحي يتعمق هو في الاندماج الشديد والانفعال بالأحداث وإبداعه الشعري وإبداعه الغنائي والأدائي
هذا هو جابر أبو حسين حين يصور حبس دياب وحبس أبو زيد ومرعي ويحيي ويونس
عندما دخل دياب بن غانم السجن وجاء إليه أبوه غانم يزوره أوصي دياب وقال لأبوه دائما يا أبي أنا أوصيك على "فرسي الخضره أن تقوم بواجب إكرامها ووصي عليها الخدام ولا تقطعوا عنها المرتب لها وأشار دياب يوصيه على الفرس"

أنا أول ما نبدي نصلي على النبي


يقول أبو موسي دياب بن غانم


فبالله يا غانم تبلغ سلامي


وأوصيك يا غانم وصية وحوزها


وأوصيك على الخضره سلوب


وتنصب لها خيمة تقيها من الشتا


واذبح لها عشرين ناقة سمينة


ولا تقطعوا عنها العلف قدر ساعة



نبي عربي ركب البراق وسار


ونيران قلبه زايدات شرار


إلى عند زغبة السادة الأقمار


أنا أنبيك يا والدي وأكد الأخبار


ركوبتي تكرمها بالأكل ليل ونهار


وحط عليها العباة مرار


وقدد لها لحم بخمد النار


ورتب لها سايس من الشطار (1)



وفي مقتل الزناتي خليفة يقول جابر أروع ما قال في السيرة الهلالية على لسان الزناتي
فوضت أمري للذي رفع السما
ولا عدش ليه في البلاد نصيب
تملي بها يا أبو علي بعد ناظري
طابت لكم بس الفراق صعيب



فرغ الزناتي من الأشعار وسمعت جميعا نظامه ، دمعه على الخد تيار ، راجل ولو مات باحترامه ، سلامة كان راكن وعلام عشان يقولوا وعدة وفاته ، بعت جوابه لعلام ييجوا يعزوا ويحضروا وفاته
حضر العلام بأولاد رمضان
قبل الوفاة يا حبايب
ياما صعيب الفرقة ورمضان
ناحت يومها أمرد وشايب
*************
خليفة في عز البلا قلبه مش مسلم
في مطارحه والمنازل
بيقول أراك يا دمعي مضلم
رأيت البدر في الصباح وأنا نازل
************
مالك يا تونس قلم نخلكي
وراحت طيور المطارح
من بعد عيني الهفية ما دخلكي
من بعد ما فرع طارح
************
مالك يا تونس كده ضلم عنبكي
طول الليل بسرح بعيني
تعالي يا سعدة وبصي عنبكي
وشوفي الدم مع دمع عيني
***********
يا ليل يا ليل يا عيني آه آه آه آه
**********
بيقول كده والقلب مجروح
وكل الحبايب في جاره
اتشاهد البطل وطلعت الروح
سندوه ولاد الأمارة
***********
سندوه وحضروا كفانه
شاله علام وهو ورجاله
وقالوا اللي جري معانا يكفاله
راجل محيي مجاله
************
سندوه العرب براحات
خدوه نواحي المقابر
طالقين عنبر وريحات
لبطل أعز الأكابر
***********
شالوه باللحد دفنوه
ولا ينفعه كتر ماله
أكام زيه دفينوه
ما تآنسه إفلا أعماله
***********
ردوا اللحد وزاحوا تراب
وقادت في الأجسام اللهايب
قروا الفاتحة أم الكتاب وعزوا علام الحبايب
***********
برضوا يا علام ع الموته فين
كل الأكابر أتولوه
زعيم وأثر على العالمين
كانوا العموم يشهدوله
***********
ياليل ياليل يا عيني آه آه آه آه
**********
شهدت جميع الناس لأنه بطلها
وحامي لبلاد الغرايب
ودواما كان يغزي باطلها
وتشهدله لمرد وشايب
***********
ياليل ياليل يا عيني آه آه آه آه
**********
قالت الأميرة سعدي آه يا جملنا
يا بطل يا حامي الأرامل
مين اليوم في البلاوي يجاملنا
بيقولوا داسوا المرامل
************
تبكي سعدي والعيون ورامين
وتقول نوحوا يا صبايا
طاب أنا دلوق أركب أغني ورامين
من بعد عزك يا بايا
***********
ياليل ياليل يا عيني آه آه آه آه
دنا دنا دنا دنا آه آه آه آه
************
بكت النسا وعموم الرجال
وحزنت عموم الزناته
على بطل حامي الأبطال
كان على عرشه جالس زناته
************
بكت الرجال وحتي البعيدين
والحمل على الكتف مايل
شهدوا وقالوا سبع طويله بعيدين
حتى كبار الهلايل



ومن عادات العروبة والرجولة شهادة الحق على ألسنة الخلق في حق الأبطال القتلي والاعتراف ببطولتهم مهما كانت الخصومة والعداوة الثأرية بين الطرفين ، حتى أنه من عادات الصعيد حين يقتل رجلله شأن في خصومة ثأرية يحزن عليه أول من يحزن من قاموا بقتله وأخذوا الثأر منه ويعدونه "خسارة في سوق الرجال" أن يقتل هذا الرجل أو يفقد وذلك لمكانته وهيبته وعلو شأنه ورجولته فأنظر ماذا يقول أبو زيد في نعيه للخليفة زناتي بعد قتله على يد دياب ابن غانم يقول جابر عليك يأبو سعدي ، تعديد الهلالي سلامة
أبو زيد للسبع ينعيه
كان ليه في كل شئ بصارة
ولا ليه في الرجال مواعيه
سيد الغرب يا خسارة
***********
يا سيد الغرب يا أصيل
يا مالي عيون الأعادي
خليفة يابو باع طويل
لكن جه يومها والمعادِ
***********
لكن جه يومها والأمر لله
شربوا عليك المر داخل
مها جري قدرت يداه
يأخي دا باب والكل داخل
***********
مع السلامة يا غندور
أفتكرك وبعدك للقامة
لأفضل أوصف وأغني دور
لما أقابلك في القيامة
***********
عليك العوض فيك يا بطل
يا حامي بلاد الغرايب
ومن بعدك الحرب بطّل
يا غازم شنب كل عايب



هذا ما قال أسمر اللون في حق الزناتي خليفة ، راجل كان يحكي قول موزون من فهم ولد الشريفة يا ليل يا ليل يا عيني آه آه آه آه
انتهوا من المحزنة وارتاح
وكل من هو عدي وفايت
على سبع ماليه سنه وراح
سكن لحدها والترايب



وأنظر معي ماذا يقول الأبنودي في تعليقه على قصة مقتل الزناتي خليفة (وهكذا تنتهي قصة فارسنا المغوار وبطلنا الذي لا يشق له غبار خليفة الزناتي ، الزناتي خليفة قائد الغرب بطل الطعن والضرب في حروبه مع الهلاليين ، وكيف انتهت هذه الحروب بقتل دياب بن غانم له بحربته المشهوره التي صوبها إلى عينه وبهذا ينتهي بطلنا العظيم هذه النهاية المفجعة)
ومن مواقف النبل في قصة مقتل الزناتي خليفة موقف أبو زيد الهلالي الذي لم يرضي ما فعله دياب بعد قتله للزناتي وقام بجره بالحربة حتي أدخله خيمته واستقبح هذا الفعل أبو زيد من دياب واستنقص هذا الصنيع
أنا ابن غانم أنا السبع
أنا أسد الرجال
أصل الأدب يغلب الطبع
مين مثلنا في القتال ؟
*************
أتاله الزناتي بكربه
على كد نظره ما شايف
وصرخ على دياب بحربه
راح مقدم العود هايف
*************
والتانيه ورا ديه
عدت في واسع خلاها
ع الخد قطفت وراديه(1)
شربوا المرار وخلاها(2)



وأنظر ماذا فعل دياب بالزناتي خليفة بعد أن أصابه بالحربة
اتعدل دياب يعدل ويندار
نار البلا مولعينه
بيشيع الحربة بمنشار
عدت للزناتي في عينه
***********
ركز عليها أبو غانم حواليه ودار
وهو مرمي على الثرا والحربة في عينه
ولف حواليه يمين ويسار
ع الأرض بينه وبينه
***********
وقام جره بالحربة وراه
وهي الحربة راكزه ف عيونه
لما دخلوا خيامه حداه
سلامة دا بطل حافظ قانونه



قال أبو زيد
اخلع الحربة من عين السبع يا ديب
دا راجل ملو عين الأعادي
خليك راجل حكمة وأديب
نعم بالطعن ربي أرادي
************
إنما البهدله في نجعنا عار
دا راجل كريم وفيه الكفايه
دا راجل قاد في جسمنا نار
مش هنشمت فيه ولا هو من الهفايا



ولقد كانت قصة لقاء دياب والزناتي خليفة في ميدان الحرب من أجمل القصص والمواقف التي أبدع فيها جابر أبو حسين فهو هنا يصول ويجول ويتمعن ويمعن ويقف قليلا عند المواقف الهامة ليؤكدها ويددن في دروب هذه الموقعة العجيبة بين البطل دياب ابن غانم والزناتي خليفة بطل الغرب وهنا يدور بين البطلين حوار في منتهي الرقي وإن كان يدل على شئ إنما يدل على قدر الفارسين وبطولتهما والذكاء السياسي لديهما في استخدام "الحربة النفسية" لكل منهما ضد الآخر حيث يقيس كل واحد منهم مدي بطولة الفارس الذي أمامه من خلال الردود في الكلام وردود الأفعال فهو يستخدم عملية جس النبض كما نسميها وكان هذا أول لقاء يقابل فيه دياب الزناتي خليفة منذو 14 سنة يحارب فيها خليفة الهلاليل ويذهب مبكرا للميدان ولا أحد يذهب قبله من الفرسان ويقتل من بني هلال ما يقتل حتى جاء موعد دياب معه حيث تتحقق نبوءة الرمل ويتحقق ما قاله الرمال في أن الزناتي سيقتل على يد دياب بن غانم . وكانت تعلم بذلك سعدي والزناتي خليفة ينكر هذا ولا يعترف بالرمل ولا أبالغ إن قلت أن هذه القصة بمفردها داخل السيرة الهلالية إنما هي درس مهم في فنون الحرب والسياسة ، وهي أيضا توضح الأداء الفني العالي والراقي لجابر أبو حسين في صياغة المربعات وموقف جموع الناس ونحيب الصبايا ومقتل الزناتي ذلك المشهد المفجع الذي تئن له القلوب وتتمزق ثم يأتي مشهد طلوع الروح والوفاة ثم مشهد الدفن والمشيعين ثم يأتي أخيرا مشهد العذاء الذي يقدمه أكابر الأمراء للعلام بن عم الزناتي فإنها قصة رائعة تستحق أن تتدرس أو تقدم على شاشات التلفاز والسينما فأنظر إلى الحوار الذي يدور بين دياب والزناتي خليفة .
يقول جابر مين فيكم من عرب بني هلال أو عرب بني زغبة وعرب بني زحلان أو بني دريد ، مين فيكم كان يجي الميدان ما يلقانيش إن أنا آجي بعده في الميدان قاله دياب ما حصلش قال الزناتي إشمعنا النهار ده أنا لقيتك 14 سنة يا دياب ماحدش جه الميدان قبلي إلا أنت قاله دياب
ما أصل النهارده حمول تقال
على إيدي مجرد زناتي
النهارده اللي عليه الرمل قال
وحغدرك يا زناتي



قال الزناتي
والله أنت والرمل كداب
ولا تعرف اللي يصيبك
يا مجنون عقلك وراسك يا كداب
ياك أنت أمر سيدك
*************
أنا عمري في يد الله
مش ضامنه ولد بن غانم
هل عندك بموتي أدلة
وهتنام هلى فرش ناعم

--------------------------------------------------------------------------------

الرميصاء17-07-09, 04:04 AM
دياب
دياب قاله إن شاء مولاك
انهارده هفقد حياتك
أهو جاء معادك وميناك(1)
وتفهم كلامي بذاتك



الزناتي
افرض ما نزلتش من فوق
ولا ركبت الركوبة
ياللا على كلمة ، ما تفوق
كان تعمل إيه في هذا العجوبة
**************
افرض انهارده أنا ما جتش للحرب
تقتل مين كان يا بن غانم؟
تع أوريلك الكدب والضرب
وتشهد بنات الهوانم



دياب
قاله دياب يجيبك وعدك
غصب عنك راح تجيله
حتى إن مكنتش مواعدك
أنت تنزل واتجيلوه



الزناتي
قاله طيب احلفلي بيمين
إن ما ندهتني باسمك ما أجيلك
وإنشوفوا فينا الصادق مين
يا دياب يا حلو جيلك



دياب
يا خليفة يا سبع جيلك
والله إن ما ندهتني باسمي
لأنزل حرب ولا أجيلك
**************
وركز ع الرمح دياب وتركه معاه
خليفة تاريها دا كله سياسة
واعي لناسه تبقي وراه
جه فر دا المر آسي


****************
سكر ولد مقبول(1) بلا كيف
ونزل قتل ف الخلايق
سكر في الزغابة بلا كيف
عساكر كأنها خلايق(2)

أثر الصعيد في الإبداع الشعبي
لقد أثرت بيئة الصعيد بجذورها ومعطياتها الحضارية "فرعونية ، إغريقية ، رومانية ، قبطية ، إسلامية وعربية" على كافة أنواع الإبداع الشعبي والمبدعين الشعبيين حيث نلمح آثار تلك المؤثرات في طيات وثنايا إبداعات أهل الصعيد من خلال عاداتهم وتقاليدهم وطقوسهم الحياتية والمستمرة في التوارث حتي الآن في أفراحهم وأحزانهم وأتراحهم
ويقول هيرودوت (لقد سبق المصريون الشعوب إلى إقامة الأعياد والمواكب العظيمة وعنهم تعلمها اليونانيون والدليل على ذلك أنه كانت تقام عند المصريين منذ زمن بعيد أعياد الإلهة إيزيس وكان يقام لها احتفال في معبدها الكبير بابيدوس وأبو صير) ويصف هيرودوت هذا الاحتفال فيقول (يبحر الرجال والنساء معا ويحمل كل قارب عددا كبيرا من الجنسين ويطبل بعض النسوة على الطبول التي بأيدهن وبعض الرجال يزمرون طول الطريق أما باقي النساء فيغنون ويصفقون فإذا ما بلغوا أثناء إبحارهم مدينة من المدن جنحوا بزورقهم إلى الشاطئ وقاموا …… تعلوا أصوات النسوة هاتفات ساخرات بنساء هذه المدينة وبعضهن يرقصن وعند دخولهم إلى بوباسطيس يحتفلون بالعيد ويقدمون أضحيات عظيمة )(1)
وإذا نظرنا إلى هذه الاحتفالات التي كان يحيها المصريون منذ عهد الفراعنة في عيد إيزيس في معبدها الكبير بأبيدوس بسوهاج نجد أن هذه الاحتفالات مازالت مستمرة حتى الآن أو لنقل أنها كانت موجودة إلى وقت قريب جدا حيث مناسبات ما يسمي عندنا في الصعيد "بأيام الدميرة أو الفيضان" على أرض الصعيد نجدها كما هي بكافة تفاصيلها وكما ذكرها هيرودوت ولقد رأيتها مرارا بنفسي وشاركت فيها مع أهلي وعشيرتي أكثر من مرة حيث يقوم الناس في بلدتي بنذر النذور للمشايخ والأولياء مثل "الشيخ الهريدي" ومقامه يوجد في بلدة الريياينه شرقي النيل حيث يقوم الزائرون في الصباح الباكر قبيل طلوع الشمس ويبحرون في مراكب شراعية صغيرة وخاصة في مناسبات الختان أو الزواج ويصطحبون معهم النسوة والأطفال حيث يقوم الجميع بالغناء والرقص وتطبل النساء ويصفق الرجال والفتيان ويغني الجميع وغالبا ما يصطحبون فرقة المزمار الشعبي والطبل البلدي "العرب" ويأخذون معهم "الذبيحة" ويندرونها "دبيحة" صغيرة أو كبيرة لتذبح على أعتاب مقام سيدنا الهريدي ، يتم ذلك في طقس احتفالي بهيج عبر رحلة نيلية بديعة ويمرحون ويلعبون ويرقصون على الطبل البلدي ويداعبون صفحة النيل العظيم ويعبون من مياهه عبا بركة وتقربا ، وتنطلق الزغاريت كلما اقترب الموكب من الوصول إلى شاطئ قرية الهريدي حيث يكون في الاستقبال أهل القرية الذين يضيفون الزائرين ويشاركونهم فرحتهم ويفتحون دورهم للراحة وإعداد الطعام ثم يصعد الزائرون الجبل مشيا على الأقدام لمسافة كيلومترين للوصول إلى "سن الجبل" حيث يقبع مقام الهريدي للزيارة والتبرك وذبح الذبائح وقص شعر الأطفال سبب النذر ويندمج الجميع في احتفالية شعبية غنائية راقصة
وتتم هذه الطقوس ولو بشكل مختلف بعض الشيء ولوقت قريب حيث كان الناس في سوهاج يحتفلون بعيد آمون ، وعيد إيزيس باستخدام المراكب الشراعية الصغيرة والقوارب وقت الفيضان "في شم النسيم" ويتم التسابق بين القوارب التي تحمل الرجال والنساء والأطفال حيث يتبادلون الغناء والعبارات وكلمات الهجاء واللقش الخفيف حيث يمدحون بعضهم البعض أو يقومون بذم الفريق المنافس حيث لكل قارب ريس بمجموعته وأحيانا كان يصل الأمر إلى العراك والتشابك بالأيدي وأعتقد أنه لم يكن يسلم الحال من انقلاب الموقف من حدود الهزل والمرح إلى حدود العنف والحدة والتوتر ونجد آثار ذلك كما يروي لنا النص الفلكلوري الموروث في أكثر جهات الصعيد وخاصة سوهاج والذي تتغير ألفاظه من مكان إلى مكان ولكن يظل مضمونه ووزنه الشعري كما هو ويستخدم كغناء ولعبة شعبية وكثيرا ما كان يحدث هذا بين أهل سوهاج غربي النيل وأهل أخميم شرقي النيل حيث كانت تتم بينهم هذه الطقوس في الأعياد والمناسبات والنص يقول
يا ولاد محارب (1)…… حوحه
نصبولكم قارب …… حوحه
والقارب طينة …… حوحه
عدا ونينه …… حوحه
ونينا تكاكي …… حوحه
وتقول يا وراكي …… حوحه
يا وراك الشوم …… حوحه
عدا الفيوم …… حوحه



وكلمة "ونينة – أو نينا" تحمل معنيين ونينة اسم بلدة تجاه أخميم شرقي النيل ، ونينا هو اسم الإلهة بالفرعوني وهي عند النوبيين "أمونة" نسبة إلى آمون ، وطينة هو اسم سوهاج في العصر الفرعوني ويوجد نجع طينة حتى الآن خلف معبد أبيدوس بالعرابة المدفونة وطينة هي "ثني" وهي الأقليم الذي خرج منه مينا موحد القطرين وعاصمته الإقليمية والقارب هو الذي وضع فيه جثمان "أوزوريس" ليلقي في النيل أو هو قارب حورس الذي كان يمتطيه ليطارد به ست إله الشر وحوحة هي حور حور أي حورس المنتصر ونينا هي الإلهة إيزيس وهي الجدة بلغتنا الشعبية والمعروف في الأسطورة أن صندوق أوزوريس قد رسى على شاطئ "نديت" وهي قرية تابعة لأخميم تسمي "نيدة"
وأنظر لهذا النص الشعبي على غرار إبداع يا ولاد محارب من "عنيبس" جهينة بسوهاج
على عليوة ……… ياللي
نفخ الزميرة ……… ياللي
زميرته رصاص ……… ياللي



وفي أولاد سلامة بالمنشاة يقول النص
عم عمارة ……… حيحة
ضرب الزمارة ……… حيحة
نجعلها رصاصة ……… حيحة
حمرة ورقاصة ……… حيحة
رقصة علينا ……… حيحة
رحمت والدينا ……… حيحة
والدنيا سباق ……… حيحة
دق المطراق ……… حيحة
وهزه هزة ……… حيحة
نزل وزة ……… حيحة



ويستمر هذا النص الفلكلوري عبر الأجيال المتلاحقة تضيف إليه وتحذف وصولا بنا إلى العصر الإسلامي العربي ولقد جمعته من أولاد سلامة مركز المنشاة آخر حدود سوهاج من الغرب وأهلها من العرب الحميريين الزغابة أقرباء الزناتي خليفة وينتسبون إليه ويقول النص

عم عمارة …… ياللي
ضرب الزمارة …… ياللي
ضربها حربي …… ياللي
فطت في قلبي …… ياللي
ضربها رصاصة …… ياللي
حمرة ورقاصة …… ياللي
والدنيا سباق(1)…… ياللي
هز المطراق …… ياللي
هزه هزة …… ياللي
وقع وزة …… ياللي
والوزة تكاكي …… ياللي
وتقول يا وراكي …… ياللي
ياوراك الشوم …… ياللي
عدا الفيوم …… ياللي
فيومي الحادق …… ياللي
طرشقها بنادق …… ياللي



وهذا النص ينبأ في نهايته عن خبر انتهاء "حرب السيف والرمح والحربة والمطراق وكذلك المذراق" ويقال في التصور الشعبي أنه بنهايتها ظهرت حرب البنادق والبارود "وأن المطراق وقع وزة" لم يعد يصلح والذي عاد يصلح "طرشقها بنادق"
ويروي على لسان الشعبيين أن أبو زيد بعد عودته من تونس ونفق ماء قربته التي نقبها الغراب فضرب حربته في الصحراء بأرض العلمين ويقال أن مكانها معروف حتى الآن "مكان حربة أبو زيد" والتي تفجرت المياه حولها كما يصورها الخيال الشعبي وأن أبو زيد مات بغزة مارا بأرض سيناء وهنا كان يقال "خلاص الـ فرقع طظ" ظهر وبان أي طلقات الهاون والبارود والرصاص
قال أبو زيد يبقي الأمر لله
آدي الطير فضي قرابي
العلم ده عند الله
مولانا عنده علم جهر وغيابي
*******
وسبل أموره إلى الله
فبغزة ونزل الهلالي
قال اللي جعله ربي وسواه
أجله لمولي الموالي (1)



والراوي الشعبي يغني هذه المقاطع على طريقة العديد التي تنتشر عند نساء الصعيد وحيث تصور لنا هذه العدودات الشعبية وتمثل تمثيلا صادقا رحلة الموت وسفرها الطويل الذي لا يعد بالليالي والأيام حيث لا أمل في العودة منه ولا رجاء في الرجوع ، مما يؤدي إلى اجترار الذكريات حلوها ومرها مما يفجر ينابيع الحزن والشجن العميق والمختلط بعبرات الروح الدفينة وتصور أيضا أغاني النساء والرجال في رحلة الحج السفر الطويل الذي يعد بالأيام والليالي والتخوف الدفين من اللاعودة والرجاء في اللقاء بعد الغياب عن الأهل والوطن والولد ، فمن هنا جائت نصوص العديد والحجيج التراثية في صعيد مصر أشبه "بدندنات" روحية خالدة باقية وحيث تصور لنا المعابد والنقوش الفرعونية "لوحة النائحات" وتطويحاتهم أثناء المواكب الجنائزية ورحلة الحج المقدسة إلى العرابة المدفونة بأبي دوس بسوهاج .
والتطويح في أغاني العديد والحجيج هو مد الحروف الأخيرة من الشطرات أثناء الغناء الحر المرسل لحدوث الإيقاع السمعي وبعد ذلك يأتي دور التردريد والتكرار الجماعي للمقاطع والشطرات في بداية الأداء القولي وذلك لخلق التوازن والإنسجام في الأداء دون أي آلة موسيقية فإنما ينضبط إيقاعها عن طريق الأداء الصوتي وإيقاعه وهذا من وجهة نظري بذور بداية الدرامة الشعبية من خلال هذه الطقوس الاحتفالية التي عرفت طريقها إلى الوجود منذ عصور قديمة حيث طقوس النائحات والجُنَّازات القديمة وتقديم القرابين والأناشيد والتراتيل والصلوات والرقيات والتعاويذ
قعدوا اليتامي تحت رعريعة
لا جاتلهم شروه ولا بيعه
************
يا داخلة الضرب الطويل لمين
حبايبك غابوا ما هم راجعين
************
كنت فين يا وعد يا مقدر
كنت ف خزانة وبابها مسدر
************
كنت فين يا وعد يا مكتوب
كنت ف خزانة وبابها مردود



وفي مناسبة الحج يحرص من ينوي للزيارة أن يأخذ معه ضمن ملابسه "الكفن الأبيض" وهذا نموذج من أغاني الحجيج في ساحل طهطا سوهاج
خد أبيض وشيله عند حرم ى ى ى ى ى ى
النبي خد أبيض وشيله
***********
خد أبيض وشيله عند حرم ى ى ى ى ى ى
النبي يامحلي غسيله
**********
خد أبيض ولفه عند حرم ى ى ى ى ى ى
النبي خد أبيض ولفه
**********
خد أبيض ولفه عند حرم ى ى ى ى ى
النبي يامحلي دا لبسه



ومن هنا كانت أغاني العديد والحجيج في بلاد الصعيد تمثل المخزون الأصيل لكل ما تفجر من ينابيع الإبداع والفن الشعبي فإنهما يمثلان النبع الأول في بيئة مصرية خالصة الملامح في بلاد الصعيد والذي يمثل كل ركن فيه مثالا واضحا لإمتزاج الحضارات المختلفة حيث تتعانق فوق أرضه في نسيج متناغم وفي الأقصر تتعانق الحضارة الفرعونية والقبطية والإسلامية حيث نشأ مسجد سيدي أبي الحجاج في صحن معبد الأقصر وفي أخميم تتعانق الحضارات الفرعونية والقبطية والإسلامية والأغريقية والرومانية معا وخلف العرابة المدفونة بأبي دوس حيث يواري جسمان الإله الراحل أوزوريس في قبره كما تقول الأسطورة (فما من شك أنه كان مشهدا رائعا فعلي شاطئ نديد(1) القريبة من العرابة المدفونة يهزم أعداء أوزوريس …… نشاهد أوزوريس وقد عاد إلى الحياة يدخل إلى معبد العرابة المدفونة في موكب مظفر ، وما من شك أن هذا العيد الشعبي كانت له مكانة عظيمة في نفوس القوم إذ نشاهد قيام الحجاج بالصلاة للإله العظيم مرة بعد مرة لينالوا بعد الموت حظوة المشاركة في هذا الاحتفال العظيم)(2)
وبهذا نجد أن هناك إرتباط وثيق بين أغاني العديد والحجيج في بلاد الصعيد حيث تتميز هذه الأغاني بسمة التطوير وهي سمة مشترك في الأداء اللحني واللفظي لكل من العديد وأغاني الحجيج والعديد (هذا النوع من الترنيمات التي يطلق عليها أغاني العديد ، إن جاز أن نعتبرها أغاني ، تتشابه تماما من الوجه الموسيقية البحتة وأغاني الحجيج والعمل الفردي الحر وبعض أغاني الأفراح وذلك في أسلوب البناء ولاتركيب اللحني والأداء الغنائي)(1)
ومازلنا بصدد تفسير النص التراثي الذي يروي ويغني في سوهاج وغيرها من بلاد الصعيد وخاصة جهينة والمنشاة وكما سبق أن أوضحنا
يا ولاد محارب ……… حوحة
نصبولكم قارب ……… حوحة
والقارب طينة ……… حوحة
عدا ونينة ……… حوحة



ونموذج آخر
عم عمارة …… ياللي
ضرب الزمارة …… ياللي
ضربها حربي …… ياللي
فطت في قلبي …… ياللي
ضربها رصاصة …… ياللي
حمرة ورقاصة …… ياللي
والدنيا سباق …… ياللي
هز المطراق …… ياللي
هزه هزة …… ياللي
وقع وزة …… ياللي
والوزة تكاكي …… ياللي
وتقول يا وراكي …… ياللي
ياوراك الشوم …… ياللي



ويذكرنا هذا النص الذي يتحدث عن طينة وهي اسم سوهاج الفرعوني بنقوش معبد ادفو المسرحية حيث (معركة حور وفرس النهر فهي لا تصور حور شابا محاربا فقط بل صبيا يواجه وحده على ظهر قارب خفيف فرس النهر الذي تجسد في سيث أو سيت هذا إلا أن الحدث يقع في مستنقعات خُميس .. قرب بوتو)(1)
حيث لجأت إيزيس مع حور إلى هذه المستنقعات وأخذت تحث ابنها الذي شب عن التوق على أن يمضي لمهاجمت فرس النهر انتقاما لما ألحقه من أذي بأبيه أوزوريس وما كاد حور يقتنع حتي قدمت له إيزيس حرتها وتغني صيادوا المستنقع الحاضرون بنشيد حربي تحية لحور فأنظر إلى كلمات إيزيس
أي حور ولداه
ها أنت على شاطئ لا أعشاب فيه
وعلى ضفة نهر لا ينمو فيه العوسج
ستطير سهامك وسط النهر
كما تطير أوزة وحشية إلى وليدها
وتكمل إيزيس كلماتها في منولوج درامي مثير ومؤثر
أطلق رأسك ، أتوسل إليك ، وسط النيل
وأغرس حربتك فيه
أي حور ولداه
أليست حربة حور وطعنه لفرس النهر تعيد إلى الأذهان صورة القديس ماري جرجس وهو يطعن التنين وحيث تصور الرسوم الجدارية في معابد الفراعنة حورس على شكل غريب مزدوج الرأس رأس صقر وجسد إنسان وهو يقوم بطعن التمساح بحربته وهذا إنما يدل على امتداد الرواسب الفرعونية وتأثيرها في المعطيات التراثية الإبداعية الشعبية حيث على غرارها خلق الفنان الشعبي في العصر الإسلامي رسومه الجدارية حيث يصور سيدنا على بن أبي طالب وهو يركب فرسه ويطعن الجن أو العفريت وكما يصور لنا أيضا أبو زيد الهلالي وهو يطعن الوحش الغريب بحربته الطويلة "الهراس" وأن حربة أبو زيد كما يصورها الخيال الشعبي بأنها أطول حربة وأن طولها سبعة أزرع "سبع تدرع" وتظل معطيات الحياة الشعبية في الميدان تروي لنا تفسيراتها الخاصة في السيرة الهلالية ويروي لنا عم على عبد ربه أبو حمدون قرية أولاد سلامة المنشاة سوهاج عن حكاية حرب دياب والزناتي خليفة عن طريق ضرب الرمل والقرعة وقعت على دياب في لقاء خليفة والقرعة عادة عربية (فقال لبته ، قالت فيه إيه يا بايا ، قالها طابب الحرب مع خليفة بكرة قالت له ساهلة . خد فرستنا الشايعة(1) قوم يشلح عليها فرس خليفة ، تضربه بالحربة وراك تضرب خليفة …… راح عملها أول ما جه طبعا يشلح حصان خليفة قام ضرب الحربة في راس خليفة ، راح واقع خليفة ، خليفة كان أعور ، وقع خليفة اتعور في عينه ، بسبب خيانة الفرصه)
ويضيف على أبو حمادي شيخ بلدة أولاد سلامة (الحصان ساب الحرب وعايز يركب الفرسة راح ضربها وراه دكها ضربها وراه وهو طاير قوم وراح نازل خليفة جات في عينه)
وأنظر إلى جابر أبو حسين في وصفه للمعركة الطاحنة بين دياب والزناتي خليفة
كام يوم واتلمت الناس
آتت نساء ورجال
واتزلزلت أرض تناس
مع طعن السنين الطال
***********
تاريها طايبة مهرة دياب
ولما اتحك بيها كحيل الزناتي
وهما يتقابلوا كريح وطياب
زنق عليها مآتي
***********
دياب كانت له خلفات
في الحرب راجل عنودي
دكمها ولف الخلوفات
بصوته الفتوة عينادي
***********
هجم الفتي دياب وآتاه
يادي الليالي الكحيلة
لما زنقه وهيج معاه
الحكوك تمر في الكحيلة
***********
اتعدل دياب ويندار
نار البلا مولعينه
بيشيع الحربة بمنشار
عدت للزناتي في عينه



ويضيف عم على أبو حمادي (الهلالية أصلا جو هانا في الصعيد وبعدين استقبلهم بتاع الصعيد(1) وحب يخاد الفرصة اللي هيه الخضرة ديه بتاعت دياب ، مرضتش تقعد معاه الفرصة ، راحت لهم الفرصة والفرصة بتاعت دياب اسميها الخضرة وسموها تونس الخضرة على فرصة مين ؟ دياب وسموها تونس على يونس ، جه طبعا إيه أقرب ما يكون اللي هو سباق ، اللي هو هز المطراق يجيب تار مين ؟ خليفة . فطلعت البنادق فطبعا طلعت البنادق بطلوا فدياب مثلا سكن أسيوط الغنايم وقرة اللي منها جمال عبد الناصر كانت برضة قبيلة قرة ، وجهينة هانا غرب سوهاج دا كله أصلا من السعودية والبلاد دي)
ويؤكد ذلك دكتور عبد الحميد يونس (والتاريخ مهما جهد لا يستطيع أن يبرز الصورة الهلالية بمشخصاتها على أكمل وجه وقد سبق أن علمنا من الأخبار المتناثرة هنا وهناك أن العربي بصفة عامة يحب فرسه ، وينشأ وإياها على تعاطف لا يكون إلا بين الأخوة والأقراب ولكن أين هذا مما كررته سيرة بني هلال في كثير من أجزاءها ودواوينها وجعلته شائعا بين فرسانها من لسوق الهلالي بفرسه التي تشير إلى غيبته الإجبارية عنها إذا عادت وحدها والتي يعز عليه أن يفارقها ولو كان في مفارقتها نصر قبيلته كما حدث عند نزول الهلالية على الماضي بن مقرب ، وطلب أعز ما عندهم الجازية أخت السلطان والخضرة فرس دياب بن غانم)(1)
ويتكلم الشيخ على أبو حمادي شيخ بلدة أولاد سلامة وعنها يقول (هنا قبايل البلد عرب قبايل ، مش بني محمد عرب هنا قبايل عرب كان فيه فروسيات وقبايل أيام العروبة ده يحارب ، ده لازم يكسب إللي يحاربه يقتله ياخد أرضه حتي عرضه ياخده احتلال ……… والطبل ده رجوج …… طبل رجوج ، لما يكون فيه عايز يعلن الحرب مع القبيلة الفلانية تبقي فيه طبل تضرب وراح يبقي بينبه إنه داير حرب)
إذاً كانت القبايل الجواله والجماعات الشعبية التي ينتمي إليها جابر أبو حسين وغيره من شعراء الهلالية في قنا والأقصر وسوهاج وأسوان من حملة راية السيرة الهلالية والتي نهضوا بها بعد أن حفظوها عن أجدادهم وآبائهم والذين حفظوها بالتالي ورووها على ألسنة أبطالها وحسب أحداثها وكانت الربابة والطبل الرجوج والطار والريات والعلالم أدوات لإعلام العحروب وكان الغناء الجماعي الذي يتم خلف صفوف المحاربين توجيها معنويا شعبيا .
وحتى أن الألعاب الشعبية التي تنتشر في جنوب الصعيد هي أصلا من الألعاب الشعبية العربية الأصل حيث ارتباطها بالفرس والفروسية كلعبة "الزانه" ولعبة "الطرده" المنتشرة باثنا محافظة قنا يجد فيها الفرسان مجالا كبيرا للنزال وفيها يستبدل الرمح بجريدة نخل طويلة تستخدم للطعن(2)
وهي الجريدة التي تعلم بها أبو زيد الهلالي الطعن والقتال بدلا من الحربة في صغره كما تروي السيرة الشعبية ومن الألعاب الشعبية "السبق" كما يقول الرؤاوي الشعبي السبق ده للخيول العربية الأصيله ، ما بتنفعش في سبق المرماح(1) إلا هي لأنها بتبقي بآخر سرعة .
ولقد اهتم المبدع الشعبي برسم صورة للبطل وجعل الفروسية الدعامة الأولي فهو يجيد الكر والفر والمنازلة واستعمال الرمح والحربة ولعل هذه الخصيصة يمكن تتبعها بوضوح في السيرة الهلالية والتي توضح أيضا مدي ارتباط الفارس بفرسه إلى حد العشق (وعندما افتقد دياب بن غانم فرسه الذي استولي عليه "الماضي بن مقرب" ملك الصعيد لكي يسمح بتغريبة بني هلال أن تمر من صعيد مصر ، عندما حدث ذلك فإنه لم يمض وقت طويل حتى فر الفرس من الماضي بن مقرب الذي لم يستطع ركوبه وعاد إلى صاحبه)(2)
ويصور المبدع الشعبي في نص موروث بأولاد سلامة
شهبة دياب أصيلة وعم بترقب الديب
ولها جوز عيون صب بيها
وعليها عدة بأربع كلاليب
وعم يطيب الغرب بيها



ويقول عم على عبد ربه الذي يمتلك بعض كتب السير الشعبية ويشير الجميع عليه في البلدة أنه ديوان العرابة في حفظه للقديم فيقول في وصف شعبي رائع أسماء القبائل والبلاد وخاصة عن عرابته (دي اسميها البط ، وسلامة ، وعلي ، ودوير ، وجبارة دول خمسة العرابة عيال العرابة الوسطي ، آدي الخمسة إيه اللي هما اخوات ، دكهاتي خلف ، وجبارة ، وحمزة ومساعد ومش عارف إيه عسير بتاع العسيرات اتسمت عليها بلاد طبعا ديه ولاد جبارة ودي ولاد حمزة ودي ولاد مساعد ودي نجع رشوان ودي نجع أبو هلال ودي نجع أولاد زقالي وفيه ولاد بهيج ويقول أيضا العرابة الشمالية عرابة أبو دهب والجنوبية العرابة المدفونة وهما تبعدان عن العرابة الوسطي "أولاد سلامة" بنفس مقدار المسافة لكل منهما ويقول ممجدا وومتدحا عرابته على العرابات الأخري)
يا عرابة يا بركة الصير
يا مخطفة للحدادي
العرابة ولد غنادير
تخطفكم بالأيادي



ويوجد بأولاد سلامة الخيل العربي الأصيل عند عمدتها ويقال إن سلالته من سلالة فرس أبو زيد وفرسة دياب بن غانم "الخضرة"


(1) دكتور أحمد سيد محمد ، الشخصية المصرية في الأدبين الفاطمي والأيوبي دار المعارف رقم إيداع 9662/1979

(1) عبد الرحمن بن خلدون العبر وديوان المبدأ والخبر الجزء السادس ص 55

(1) أحمد مختار العبادي في تاريخ المغرب والأندلس مؤسسة الثقافة الجامعية القاهرة ص 7

(2) قرية بني هلال بين المسار التاريخي والواقع الاجتماعي دار المعارف الطبعة الأولي د / السيد حنفي عوض و د/ محمد المهدي صديق رقم ايداع 4054118

(1) القاموس الجغرافي للبلاد المصرية من عهد قدماء المصريين إلى سنة 1945 وضعه وحققه محمد رمزي الجزء الرابع هيئة الكتاب رقم إيداع 07211/1993

(1) ملحوظة الأعمار التي ذكرت كانت وقت الدراسة عام 1995

(1) جمال ذكريا قاسم , استقرار العرب في ساحل شرق أفريقيا القاهرة 1967 مطبعة عين شمس ص 287

(1) قصصنا الشعبي دكتور فؤاد حسنين على مكتبة الدراسات الشعبية الهيئة العامة لقصور الثقافة ص 76

(1) الرشايدة مبروك مبارك سليم الرشيدي ص 39 رقم الإيداع 7348 /1996 مركز فجر للطباعة والنشر والتحقيق

(1) الراوي محمد جاسر عبد المجيد قرية بنبان مركز دراو أسوان السن 19 سنة طالب جامعي

(1) الشيخ عبد الرحيم البرعي ، ديوان الإمام البرعي ، ص 15 ، المكتبر الشعبية

(1) بني هلال بين المسار التاريخي والواقع الاجتماعي ص 38

(1) أبو زيد الهلالي محمد فهمي عبد اللطيف مكتبة الدراسات الشعبية ص 75 – 76 الهيئة العامة لقصور الثقافة رقم إيداع 03801/1998 الأمل للطباعة والنشر

(2) المرجع السابق ص 77 – 78

(1) المرجع السابق ص 79

(1) المضامين التربوية في سيرة بني هلال د /أحمد محمود محمد عبد المطلب كلية التربية جامعة جنوب الوادي بسوهاج ص 16 – 17

(1) حيث كان من العيب أن يحضر الرجل أي عرس بدون دعوة ولكن لشهرة جابر ينتفي هذا التقليد الأخلاقي في الصعيد

(1) من المصادفة العجيبة أن الراوي اسمه منصور على اسم منصور بواب تونس

(1) وقصة منصور بواب تونس والحاج مسعود هو أبو زيد الهلالي متنكرا ، فهي من القصص الفكه الخفيف المحبب لدي الناس والذي يريح به جابر سامره الشعبي ويفصل بين وصلاته في السيرة التي تشتد فيها الحروب والهللكة وهذا إبداع صرف من إبداع جابر أبو حسين

(1) سيرة العرب الحجازية المطبعة اليوسيفية شارع دار الكتب ص32

(1) كلة القعدان : مجموعة الجمال ثلاثة أو أربعة في حبل واحد
القعود الجلب : المل المجلوب من بلاد غريبة وليس أصيل

(1) الراوي السيد محمد الليثي ساحل طهطا 90 سنة النص من 1984

(2) سيرة النبي العربي تأليف أحمد التاجي الجزء الثاني لطبعة الأولي 1978

(1) هو يقصد خضرة الشريفة زوجة رزق بن نايل

(2) يقصد مال رزق بن نايل والد أبو زيد وزوج خضرة الشريفة
- المال "عند العرب" هو القعدان والجمال والغنم
- الدبوس : الحربة يلقيها من بعد فحسبما تقع على المال تكون القسمة والنصيب

(3) بركوا الجمال أقعدوها

(1) زامت : أصدرت أصوات وجلبت وتحركت من أماكنها

(2) دغي وإصدار أصوات كالهمهمة

(3) أي ولادة حديثة في أول أسبوع

(1) درغام : دور غم

(1) مدنه : كثيرة

(2) شناع : شنعة

(3) رادين قناع : مش مقنوعين

(4) تراع : ترع

(1) تكلم في حق الناس وأسرارهم

(1) باع ايدي

(1) كتاب تغريبة بني هلال المكتبة الشعبية لبنان ص 4

(1) وراديه : من الورد أي وردية

(2) خلاها : الخل والمر

(1) ميناك : منيتك أي المنية

(1) ولد مقبول : الزناتي خليفة

(2) خلايق : خلق ، هدوم

(1) عبد الحميد الكاتب ، مصر والمصريين ، ص 88 , كتاب اليوم , أخبار اليوم
بوباسطيس : وسط الدلتا في قرية تسمي أبو صير جنوب سمنود
أبيدوس : العرابة المدفونة بأقليم طينة بسوهاج

(1) محارب تقال إمحارب : هو حورس المحارب الشجاع والنص للراوي محمد منازع سوهاج 55 سنة وقت التسجيل في 1995

(1) يقال إن سباق هو ابن الزناتي خليفة والنص للراوي على عبد ربه أبو حمدون – أولاد سلامة 48 سنة 1991

(1) هذا النص للشاعر العربي عز الدين نصر الدين بر خيل مركز البلينا سوهاج

(1) نديد : وهي قرية صغيرة على النيل شرقي أخميم بسوهاج وتسمي نيدة

(2) ترجمة ثروت عكاشة ، تأليف إيتين دريوتون ، المسرح المصري القديم هيئة الكتاب الطبعة الثانية ص24 سنة 1984

(1) التراث الغنائي المصري ، الفلكلور د. فتحي عبد الهادي الصنفاوي دار المعارف ، سلسلة كتابك ص77 رقم الإيداع 5293/1978

(1) ترجمة ثروت عكاشة ، تأليف إيتين دريوتون ، المسرح المصري القديم هيئة الكتاب الطبعة الثانية ص165سنة 1984
وخميس : هي الاسم اليوناني الأغريقي لمدينة أخميم ، وبوتو : الاسم الفرعوني لنفس المدينة

(1) الشايعة : هي التي تريد التزاوج

(1) ملك الصعيد الماضي بن مقرب ، والصاد تنطق في الصعيد أحيانا سين (جد المؤلف اشرف ماضى ومشرف قسم الانساب بالمنتدى)وال ماضى فى الشعارنة الشرقية والغربية والبحرية اشراف من بنى هاشم

(1) الهلالية بين التاريخ والأدب الشعبي د. عبد الحميد يونس جامعة القاهرة ص171 / 1956

(2) مجلة الفنون الشعبية ماهر صالح الفروسية ورقص الخيل العدد الثاني 1965

(1) المكان الذي يتم فيه السبق ومرماح الخيل

(2) المرجع السابق

عم عمارة …… ياللي
ضرب الزمارة …… ياللي
ضربها حربي …… ياللي
فطت في قلبي …… ياللي
ضربها رصاصة …… ياللي
حمرة ورقاصة …… ياللي
والدنيا سباق(1)…… ياللي
هز المطراق …… ياللي
هزه هزة …… ياللي
وقع وزة …… ياللي
والوزة تكاكي …… ياللي
وتقول يا وراكي …… ياللي
ياوراك الشوم …… ياللي
عدا الفيوم …… ياللي
فيومي الحادق …… ياللي
طرشقها بنادق …… ياللي
الله عليك ياباشا لما تدلل
جمييييييييييييييييييييييله جدا السيرة الهلاليه
ياعمى الله ينفعنا بعلمك
ويديمك للمنتدى الكبير بيك وبيعلمك

فاكر اخى وجدى زمان كنا نلعب الحنجيلة وننضرب على شان بجيب الفقر ونقول على عليوة ونقول عم عمارة …… ياللي
ضرب الزمارة …… ياللي
ضربها حربي …… ياللي
فطت في قلبي …… ياللي
ضربها رصاصة …… ياللي
حمرة ورقاصة …… ياللي
والدنيا سباق(1)…… ياللي
هز المطراق …… ياللي
هزه هزة …… ياللي
وقع وزة …… ياللي
والوزة تكاكي …… ياللي
وتقول يا وراكي …… ياللي
ياوراك الشوم …… ياللي
عدا الفيوم …… ياللي
فيومي الحادق …… ياللي
طرشقها بنادق …… ياللي
بس عارف كانت ايام حلوة على الرغم من العيشة الصعبة لكثير من الناس طبعا احنا كنا نلعب على الكبرى عارفة طبعا طيب اية كمان من الالعاب زمان البظو وصفر اترية والطرطقة والطقية فى العب والاستغماية كمل انت الباقى

مجهود رائع

الاروع مرورك على الموضوع اخى وائل ابو ليلة تحياتى لك